هل قابلت (أبو العُريف)؟ سؤال قد يطرح عليك فى أى وقت فلا (تهتز ولا تقلق) فلن تفوتك رؤيته فهو متواجد ومتوفر فى حياتنا اليومية، فلا تكاد تتجه ببصرك يمنة أو يسرة إلا ووقع بصرك عليه، فسوف تنجذب لحديثه الشيق فهو جهبذ فى كل شىء إن أردته سياسياً ناطح بفكره (علماء السياسة)، وإن تحدث فى الرياضة منحك الإحساس بالنشاط والحيوية.
و(أبو العُريف) أصبح يتصدر صفحات الجرائد والمجلات، وأبو العُريف أيضاً أصبح فى مقدمة ضيوف القنوات الفضائية، فضلاً عن ذلك سوف تقابله فى وسائل المواصلات والعمل والشارع فلا تحزن يا عزيزى القارئ من السؤال الذى يتصدر هذا المقال فلن تجهد نفسك فى البحث عنه ولن تكون مضطر لعمل إعلان لجلبه فهو بجوارك دائماً وكل ما عليك فعله هو أن تجهز الأدوية التى تساعد على خفض مستوى الضغط والسكر لأن تأثير (أبو العُريف) قوى على تلك الأمراض المزمنة.
فهو لا يستحى من الكذب وتلبيس الأمور، لأنه ذلك الشخص الذى يعطيك (من طرف اللسان حلاوة)، وهو أيضاً مثل الساحر الذى يتعامل مع الجن قديماً فيأتى بمعلومة صحيحة ثم يقوم بخلط أكاذيبه عليها لتمر فى سياق متشابه فيختلط الأمر على المستمع لكلامه فيصدق بعضه إما لجهل عند المتلقى أو لحسن نية.
عزيزى القارئ إن انتشار شخصية (أبو العُريف) فى مجتمعاتنا لها أسباب عدة فى بدايتها نجد قلة الوعى وانخفاض المستوى الثقافى فيجد مثل هؤلاء من فصيلة ( أبو العريف ) المرتع الخصب للفتوى فى كل شيء لأنهم يجدوا من يصدقهم أو عل أقل تقدير لا يجدوا من يعترض على بعض ما يقولون، هذا بالنسبة لشخصية ( أبو العريف ) المتوفرة فى الأزقة أو الشوارع.
أما (أبو العُريف) على مستوى الإعلام فحدث ولا حرج فهذه كما يطلقون عليها (سبوبة ) للبعض للتعيش منها وخطرها مضاعف لأنها على الملأ، فقد خلع الكثير منهم ( قناع ) الحياء وأصبح يدلوا بدلوه فى كل شىء (وعلى عينك يا تاجر) بلا حسيب ولا رقيب لدرجة أضرت بصورة الإعلام عند الناس مما استوجب وصفه بـ(الانفلات الإعلامى).
عزيزى القارئ المحترم مما لا شك فيه أن وجود وتنامى شخصية ( أبو العُريف ) لها مضارها الشديدة على المجتمع، فهو من يفتى بغير علم فى كل شيء مما يترتب عليه غفلة المجتمع بل ويكون سبب مباشر لترديد الأكاذيب وإحداث ( البلبلة ) بين الناس، وتضخيم بعض الأمور مما يجعله مروجاً للفتن بل ومن الممكن استغلاله بشكل أو بآخر للترويج لأهداف خاصة مدروسة ومن الممكن أن تكون مدفوعة الأجر.
عزيزى القارئ يجب أن نبحث عن الوازع الدينى والأخلاقى لنمتنع عن التحول جميعاً لشخصية (أبو العُريف)، فعندنا من التراث الدينى ومن أحاديث رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) ما يكفينا حتى نمتنع عن الحديث فيما لا يعنينا ولا نفقه فيه ولنا فى ( رسول الله ) أسوة حسنة حيث يقول ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) وقوله ( أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابكى على خطيئتك ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
ونذكر جميعاً حديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) عن الفتنة فيسأله أحد جلسائه فيقول ( وما المنجى منها يا رسول الله ) فيقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم ( عليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وهذا أكبر دليل على أننا عندما نواجه فتنة مثل ما نمر به الآن وجب علينا عدم الخوض فيما لا نعلم، ونسأل الله أن يجنب مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن.