كثيرا ما نلتقى بأشخاص نكون على أتم العلم بسوء طبائعهم، وانهيار مبادئهم، ورغم ذلك نظل نرسخ علاقتنا بهم ونوطدها تدريجيًا؛ حتى يصبحوا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا؛ أملاً منا فى تغييرهم للأفضل، وجعلهم أشخاصًا آخرين على الصورة التى نأملها فيهم، ولكن أيًا كانت نوع هذه العلاقة فلو أحسنا التفكير بتروى سنكتشف أنها لن تأتى علينا سوى بالسلب؛ لأنه من المستحيل تغيير إنسان جُبِلَ على شىء، ويصر عليها لقناعته الشديدة بنفسه، وإيمانًا منه بتصرفاته، وفى النهاية لا نجنى إلا الشوك من هذه العلاقات.
وكما قال المثل: "إنك لا تجنى من الشوك العنب"، وقصة هذا المثل تعود لصبى رأى أباه يغرس شجرًا فى البستان، وبعد عدة أشهر ظهرت ثماره عنبًا فى أغصانها، وذات يوم وجد شجرة شوك فغرسها، وانتظر مدة فوجد الشوك يظهر فى أغصانها، فقال له والده: "إنك لا تجنى من الشوك العنب، فلا تنتظر الشيء من غير أصله".
وبالفعل، فالمنطق يقول أننا لن نغير بذور الأشياء، فالبذور سوف تفرض نفسها على الثمرة، فالخير لا يثمر إلا خيرًا، والشر لا ينتج إلا شرًا، وما يبنى على باطل فهو باطل. لذا لا تجهدوا أنفسكم فى محاولة تغيير بذور مغروسة فى أرض صلبة؛ لأن ثمارها لن تكون إلا امتدادا لها.