لا يستطيع الإنسان العيش بدون وطن يحميه ويدافع عنه ويرعاه ويقدم له الخدمات المختلفة كالتعليم والصحة والارتقاء به كإنسان والسمو بأخلاقه وتهذيبها، فالانتماء لوطن معين هو غريزة فى الإنسان، فالإنسان الذى يدعى أنه يستطيع العيش بلا هوية تحدده وبلا جنسية يحملها أو وطن يلم شمله وينتمى إليه ويلجأ إليه عندما يمر فى أزمة معينة، هو إنسان خائب خاسر لا يوجد له مبدأ وحياته بلا معنى، فالانتماء شئ أساسى فى الحياة والتى بدونها تختل الشخصية وتضطرب الأفكار والنفسية والمواقف لما يوفره الوطن للإنسان من كرامة وحرية وعيش كريم وهانئ، فهو أيضاً يتوجب عليه أن يقدم واجبات عديدة للوطن، كالاهتمام به والدفاع عنه والغيرة على مصالحه، فمعنى أن أكون محباً لوطنى لا يفيد نهائياً تحقير الآخرين والإدعاء بالأفضلية والأحقية وفى أن أكون فقط.
من الواجبات تجاه الوطن الدفاع عنه ضد الأعداء الخارجيين الذين يسعون للسيطرة على البلد ونهب ثرواته ومقدراته وإذلال شعبه، أما الأعداء الداخليين فهم أصحاب المصالح الشخصية وهم أخطر من الخارجيين بسبب عدم وضوحهم وتخفيهم وحياكتهم للمؤامرات بطرق سرية صعبة الاكتشاف إلا للمتيقظين، وحماية الوطن أيضاً من الفاسدون والطماعون والانانيون الذين يريدون زيادة ثرواتهم من مقدرات الامة والشعب بالنهب والسلب العلنى وربما المقنن بقوانين فاسدة وضعت من قبل أناس فاسدين.
من الواجبات تجاه الوطن عدم الشعور بالاستعلاء والفوقية على كل المواطنين المخالفين سواء بالمعتقد أو العرق أو الفكر أو المذهب، لأن هذا من شأنه أن يقلل من الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد وبالتالى دخول المندسين بينهم.
يتوجب على المواطن الغيور على مصلحة بلده الحفاظ على ممتلكاته وإرثه كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً فالوطن لا يتسحق أن ندمر تراثه وآثاره، ولا يستحق أيضاً أن نحوله إلى سلة مهملات كبيرة.
كما يستحق الوطن من أبناءه التمسك به والشعور بالاعتراز بالانتساب إليه، وليس التسابق لتركه والتخلى عنه، إلى فى أصعب المواقف وهى التى يكون فيها الفساد عاماً وطاغياً فلا وجود للقوانين ولا لتكافؤ الفرص ولا لتقدير الخبرات فهذه البيئة هى بالقطع بيئة طارده لأبناء الوطن، فهم بهذا سيسعون بكل تأكيد إلى إيجاد مكان بديل يعيشون فيه ويوفر لهم الكرامة والحرية والمساواة.