أصبحنا غُرباء فى زمن صار العالم فيه مثل قرية صغيرة، فأصبحت المشاعر والأحاسيس للتعبير عن الحب عبارة عن حروف على لوحة المفاتيح نوجهها كيف نشاء، أما عن نظرات الحنان وابتسامة الامل فصارت عبارة عن ( كوميكس )نكتفى بأن نعمل له ( إعجاب ) !
أين تَجمُعنا ياسادة ؟ أين اللمَّة ؟ التى كانت تجمع كل أفراد العائلة من شتى الأماكن القريبة والبعيدة .. لتعلن عن سعادة وضحكات ومواقف تجمعنا سويا ؛ فهذا مريض نجتمع فى غرفته لنواسيه ونشد بأزره وندعو له بأجمل ادعية الشفاء، وهذا غير قادر فنساعده ونرفع عن كاهله ظروف الحياة القاسية فلا يشعر بها وسط الأهل والأحباب .
لكننا قد اكتفينا بكل اسف بغرف الدردشة ( هاى ) و( باى) ولا نعلم الذى يحدثنا سليم أم مريض ؟ سعيد أم حزين ؟ والغريب أن الاسرة الواحدة قد على المائدة ولا ينسى كل فرد فيها ( جهازه) أو لسانه أن صح التعبير ليتحدث كل منهم فى نفس المكان عبر( الواتس اب أو الماسينجر) وكأن اللسان اعتاد العجز ! فأين نحن ذاهبون ؟ والمزعج فى الامر يحدث التواصل مع جيل الشبكة العنكبوتية فقط، مع العلم أن هناك جيل آخر لم يعتاد الدخول اليها فإين نحن منهم ؟ أترانا أوصلناهم لسن التقاعد من إنسانيتنا ؟
أين الأجداد؟ اين عين الحكمة والخبرة؟ فى دنيا أصبحت خبراتها عبر (جروبات) بحروف وأسامى وليست بقلوب وعيون .. نعم اشتقت لبيت جدى وحنان جدتى لأخوالى وضحكاتهم، اشتقت ليوم الجمعة فى بيت جدى، اشتقت لعيدية عمى سعيد وعمى سامى وتقبيل أياديهم ونجتمع ليحكى الجميع ونشعر بالدفء والاحتياج للحب .. ولكنى أجدنى استفيق لأشعر ببرودة مواقع التواصل التى لا تملك غير لوحة مفاتيح لا تعرف أولاد عمى وأولاد خالى إلا حينما أكتب أساميهم.. أستحلفكم بالله تعالوا جميعا نعيد معا هذا الزمن الجميل، زمن النقاء والحب فى الله، الحب المجرد من أى مصالح .
نعم أنا مشتاق وعندى لوعة – فهل أجد مثلى مشتاق ولديه لوعة لعودة هذا الزمن الجميل ؟ أتمنى .