خلال الأشهر الماضية حاول البعض التقليل من أزمات سعر الصرف المتلاحقة واعتبار أنها أزمة مؤقتة سوف تستمر مدة ما ثم لا تلبث أن تذهب، وأن هذا يرجع إلى أخطاء الإدارة الاقتصادية المعنية بهذا ويقصدون إدارة البنك المركزى.
ومع وصول سعر صرف الدولار إلى أعلى مستوى له على الإطلاق أمام الجنيه المصرى، بدا واضحا أمام الجميع أن الأزمة ليست أزمة قرارات بقدر ما هى أزمة عدم وجود خطوات على أرض الواقع.
علاج أزمة الدولار يكمن بشكل أساسى فى الحلول الهيكلية، أى أنه يجب التعامل مع مسببات انخفاض موارد العملة، لا يمكن بأى حال من الأحوال أن ننتظر أكثر من هذا فنحن لم نعد نملك رفاهية الوقت، فالمؤشرات الاقتصادية تزداد سوءا كل يوم عن ذى قبل.
لم يعد بالإمكان أن نتجاهل خطر المديونية فقد وصل الدين العام إلى مايقرب 100% من الناتج المحلى الإجمالى، هناك حالة من الضعف والإنهاك تسيطر على الركائز الأساسية للاقتصاد المصرى سواء الزراعية أو الصناعية وهناك حالة من الركود شبه التام تسيطر على القطاع السياحى.
لا بد من إعادة ترتيب الأوليات الاقتصادية، لم يعد مقبولا تلك العشوائية فى القرارات الاقتصادية فى ظل تلك الأجواء السيئة التى تخيم على الاقتصاد المصرى، مع العلم أن وضع الاقتصاد المصرى الآن هو نتيجة لسياسات متعاقبة وليس وليد الآن .
ما أشد الحاجة الآن إلى خطط أكثر انضباطا وسياسات أكثر صرامة تتجه إلى معالجة هيكلية إلى الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة، إن تجاهل تلك الأزمات لن يؤدى إلى التخلص منها، بل سيؤدى إلى مضاعفات وأزمات سيصعب التخلص منها.
فى النهاية أود أن أقول أن الأزمة ليست أزمة أقوال وقرارات بقدر ما هى أزمة أفعال، لابد من المصارحة ومواجهة المشاكل المتفاقمة عبر الأعوام الماضية، لابد من تدعيم القطاع الاقتصادى من الجذور وبناء أسس جديدة أكثر فعالية ومرونة لمواجهة الأزمات.