د. ماريان جرجس تكتب: قمة مد يد العون

انطلقت القمة الروسية الإفريقية في سان بيطرسبرج في نسختها الثانية والتي كانت مختلفة عن القمة الأولى في سوتشى في 2019 ، تلك الشراكة بين روسيا وإفريقيا كانت فكرة مصرية خالصة ، من واقع رؤيتها عن القارة و موارد القارة وحاجتها للاستثمار ورسم سياسات استثمارية ودبلوماسية جديدة للقارة ، لتأتى النسخة الثانية من تلك الشراكة في ظل تأجج الصراع الروسي الأوكراني واختلال ميزان العدل الغذائي والمناخي ؛ وكأن الطرفان يمدان يد العون لبعضهما البعض . فروسيا تحتاج إلى حلفاء جدد وأصدقاء جدد وعلاقات سياسية جديدة عوضًا عن التي فقدتها مع الاتحاد الأوروبي ، تحتاج إلى من يرحب بها اقتصاديا واستثماريا ، فلا يمكن لأي دولة أن ينتعش اقتصادها بدون تبادل تجارى ومذكرات تفاهم ، تحتاج إلى دعم سياسي افريقى واسيوى وبناء عالم متعدد الأقطاب . أمّا عن القارة الإفريقية فهي تحتاج إلى رسائل طمأنة حول الأمن الغذائي والذي يحيق به كثير من التهديدات من تغيرات مُناخية ووقف تصدير الحبوب وحصول الدول الغنية على النصيب الأكبر من تلك الحبوب ، تحتاج إلى استثمار ذي طراز خاص، استثمار ذكي وأمين يحافظ على موارد تلك القارة البكر ويحقق أقصى استفادة وربح منها ، يضمن عدم خروج أي مادة خام من تلك القارة ، يوفر فرص عمل لأبنائها الذين يتحولون إلى مهاجرين غير شرعيين بسبب غياب فرص العمل في بلادهم الزاخرة بالمواد الخام والكنوز المعدنية والزراعية فدول ساحل العاج من الممكن أن تصبح "سويسرا إفريقيا" التي تصدر أجود أنواع الشيكولاتة إذا استقبلت التكنولوجيا لتحويل الكاكاو الوفير على أرضها إلى أفخر أنواع الشيوكولاته ، ودولة الكونغو الديمقراطية من الممكن أن تنعم بكهرباء وفيرة من نهر الكونغو ثاني أطول انهار العالم إذا رُفع عنها الفيتو الغربي في بناء السدود الكهرومائية على هذا النهر . فإذا القارة الإفريقية تستهدف الاستثمار الواعد لها وليس الواعد للمستثمر الغربي، الذي يزيل عنها الفيتو الغربي ويزيح عنها القيود التي تكبلها لاستخدام مواردها بشكل جيد يحررها من الاستعمار الاقتصادي ، فاستغلال موارد القارة الإفريقية لابد أن يكون بشكل مقنن في الفترة القادمة وتحت إشراف الاتحاد الإفريقي وبشكل جاذب للاستثمار الذي يترك بصمته في القارة وينقل التكنولوجيا الغربية إليها. كما كان لتلك القمة بصمة إنسانية وثقافية ؛ حيث تعهدت روسيا بالتواجد في القارة الإفريقية إنسانيا وثقافيا وتدريس اللغة الروسية في كثير من البلدان الإفريقية وهو نوع من أنواع القوى الناعمة حيث لم تقتصر القمة فقط على التعاون الاقتصادي الجاف بل أن القوى الناعمة دائما لها دور في توطيد أواصر العلاقات بين الدول والذي يلقى بظلاله الايجابية سياسيا واقتصاديا إن العالم يتغيّر من حولنا ولكن دائمًا مصر تبقى هي النواة الصالحة لتلك التغير.



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;