فى أشد حاجتها إلى مثل هؤلاء العظماء ودعت مصر أحد أبنائها، ليس بالهين أن ننجز تاريخ فقيد العلم والإنسانية فى مقال أو مجرد بعض الكلمات، إننا نعزى أنفسنا قبل أن يواسينا عموم الإنسانية فى العالم كله، يحتم علينا أن نُذَكر جميع الشعوب أن الذى فقدناه أحد أبناء المحروسة بحفظ الله لها، إنه الأب والمعلم قبل العالِم والمخترع إنه أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل عام 1999، عن اختراع كيميائى، ساهم به فى حدوث نقلة فريدة فى عالم تكنولوجيا التفاعل الذرى، ليصبح بذلك أول عالم مصرى وعربى يفوز بجائزة نوبل فى الكيمياء، وليدخل العالم كله فى زمن جديد لم تكن البشرية تتوقع أن تدركه لتمكنه من مراقبة حركة الذرات داخل الجزيئات أثناء التفاعل الكيميائى عن طريق تقنية الليزر السريع، وليس بمتسع أن نذكر الجوائز التى حصل عليها العالم أحمد زويل، ولكن يجب علينا أن تسطر أقلامنا وأن نُعَرجَ بها على أسهاماته فى بناء مصرنا الحديثة، وأبرزها "مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا" والتى كانت إحدى أمنيات العالم أحمد زويل، وكان هدفه منها بناء جيل حضارى حديث قائم على أسس علمية يستطيع أن ينافس أجيال حضارات أخرى، وفى كل لحظة من حياته كان داعماً للرقى والتقدم البشرى، وفى محاضرته الشهيرة باليونيسكو أكد على عدة أسس يقوم عليها المجتمع، يقول "أعتقد أن الحرية والقيم الإنسانية، والتى تعد مبادئ أساسية فى الديمقراطية، هى شىء أساسى لقفزات من التقدّم والاستخدام الأفضل للموارد البشرية، ويجب أن تصدر هذه المبادئ لدول العالم الذين لا يملكون، ولكن مع تفهم الفوارق الثقافية والدينية ومن غير سيطرة أو إكراه مع إيمان بقوة المعرفة وخطورة الجهل الذى هو مصدر البؤس والشقاء لكل الناس دون جدل".
وقد ختم حياته بهذا المشروع القائم على أرض مصر، والذى أحدث تطور هائل كما سبق الإشارة، واتسم فقيد العالم بالوضوح والصدق، "أنا إنسان صريح.. وليس لى طموح سياسى، كما أننى أكدت مراراً أننى أريد أن أخدم مصر فى مجال العلم وأموت وأنا عالم" البروفيسور أحمد زويل - رحمه الله .