نورهان العيسوى تكتب: تنسيق أم تحجيم.. لا أعلم؟!

كل عام تتكرر القصة ذاتها بكل منزل حول ماراثون الثانوية العامة والمرحلة التالية لها وهى "التنسيق" الذى يحدد مستقبل الطالب، هذا البعبع الذى يخيف جميع الطلبة بل وحتى أولياء الأمور وتعلن حالة الطوارئ بالمنازل، كل ذلك من أجل ماذا؟، ولماذا يحول الآباء والأمهات أبنائهم إلى أرقام تعبر عنهم وإذا لم يصلوا إليها يكونون بذلك قد سقط مستقبلهم كليًا ويبدأ الأب والأم فى إسماع أبنائهم ما لذ وطاب بل ويشعرون بالخجل فى مواجهة الجيران والأصل والأصدقاء بمجموع أبنائهم الضعيف أو العكس فى الفخر والتباهى بمجموع ابنهم المرتفع وكأنه بذلك أصبح أفضل من ذويه، وحينما تظهر النتيجة الكل يتسائل "جبت كام؟" "دخلت كلية إيه؟" وكأن المجتمع منصف بالنهاية وكل خريج يحصل على حقة فى التوظيف أو فى الحصول على ما يستحق ماديًا ومعنويًا إذا اعتبرنا أن هذا المجموع دال حقيقةً على ما يستحق من تخصص ما، لماذا لا يفكر أولياء الأمور فى إيصال أبنائهم إلى تلك النسب العليا فى تربيتهم وأخلاقهم كى يصبحون أسوياء متصالحين مع أنفسهم ومع ضغوط الحياة مستقبلًا؟!! اجعلوهم فخر لكم أمام كل من يتعامل معهم مستقبلًا مهما كان تعليمه، الأهم هو ابنك ذاته ككيان مستقل واثق بذاته وقدراته. وبعد قلق وتوتر أيام النتيجة يبدأ القلق بالكلية التى سيقبل بها وكأن هذا هو ما سيحدد كل شيء ويطلقون مصطلحات كمصطلح كليات قمة أيوجد كليات قمة وكليات قاع مثلا؟!!، ألا يعمل خريج الحقوق مع خريج التجاره والإعلام والحاسبات فى بنك مثلًا ويكون أجر خريج الكلية التى كانت تقبل بمجموع أقل براتب أعلى من ذويه من خريج الكلية التى تقبل من مجموع مرتفع!! نحن من صنع تلك الهواجس وصدقناها بالنهاية، ما يدل على الشخص هو الشخص ذاته، استثمروا فى أبنائكم، فى أخلاقهم، دينهم، سلوكياتهم فى المواقف المختلفة واتركوا لهم حرية الاختيار لا تتركوا المجموع هو من يتحكم بهم بل اتركوهم واجعلوا لديهم ثقافة الاختيار بما يتناسب مع ميولهم وكفاءاتهم، هذا هو مستقبلهم وهم أدرى الناس به إذا حصلوا على القدر الكاف من التربية والإرشاد منكم. من الضرورى أن يتكامل الجميع خاصة فى محيط الأسرة والمدرسة، وأن يجعلوا موضوع الثانوية العامه كأى أمر آخر حتى يستطيع آبنائنا الطلبة والطالبات أن يمروا بهذه التجربة ويحققوا فيها النجاح بدلًا من أن يكون خوفهم من الثانوية العامة والنتائج هو المسيطر عليهم، كفانا معسكرات شبه مغلقة على مدار عام دراسى كامل, وحيرة وقلق, وتساؤلات واستفسارات والتى يعتبرها كثير منهم حجر عثرة للوصول لقبة الحرم الجامعى المنشود, هذا ما يسمى بـ ( فوبيا الثانوية العامة) أى الخوف الزائد بلا مبرر منطقي, مما يؤثر فى القدرة على التركيز والتحصيل عند الطالب. اعتبر امتحان الثانوية كأى امتحان من امتحانات السنوات السابقة وبقدر الامكان لا داع لتلك الضجة من الأهل أو الاعلام, ومن الضرورة أن يعرف الطالب جيدًا أن مستواه يحدده الجهد المبذول طوال العام الدراسى والسنوات السابقة وليس مجموع الدرجات بالنهاية فقط اصنع ما عليك فعله، وعلى الطالب أن يدرك جيدًا أن القلق والتوتر يؤثران سلبًا على القدرة على التذكر وأدائه بالامتحان. وعليك أيها الطالب أن تحاول أنت جاهدًا فى تغيير تلك المصطلحات والثقة بأن الله لا يضيع جرا من أحسن عملا لذلك توكل على الله وابتعد عن الوساوس والأفكار الغير منطقيه التى تسبب لك القلق، ثق بنفسك واعلم أن أيًا كانت النتيجة فإن هذا لا يدل عليك أنت شخصيًا وأن أى كلية تلتحق بها هى فخر لك فأكم من خريجى ما يطلقون عليه كليات القمة حينما تتحدث معهم تجدهم كالذى لم يمر بأى مراحل تعليمية، والعكس صحيح تمامًا هذا فقط ما عليك استيعابه كى تكون راضيًا مطمئنًا، ثق بنفسك واجتهد حيثما كنت. ويرى علماء النفس أن للآباء والأمهات عامل أساسى فى تقبل أبنائهم للنتيجة فيجب على الآباء الجلوس مع الأبناء فى البداية للتأكيد على أن المجموع ليس هو العامل الحاسم لمستقبل جيد، ولكن التخطيط والاجتهاد فيما بعد هو الأهم، ولابد أن يسير اليوم بشكل طبيعى دون توتر أو قلق من جانب المحبطين بالطالب بالإضافة إلى استقبال النتيجة بكلمة واحدة ألا وهى "الحمد لله" ومهما كان رد فعل الابن على الأهل تحمله وتقبله بكل الطرق ويجب على الأهل تغيير مصطلح كليات القمة لأننا كما سبق وذكرنا لا يوجد كليات قمة وكليات قاع فى النهاية الأهم هو الاجتهاد والمثابرة والاستثمار فى الأبناء ذاتهم، حاولوا كأولياء أمورالابتعاد عن عقد المقارنات مع أبناء الجيران أو الأقارب والأصدقاء، لأن قدرات وظروف كل طالب مختلفة فلا يمكن أن يحصل الجميع على نفس المجموع بالإضافة إلى الابتعاد عن تحقيق حلمك فى ابنك، فهناك بعض الأهل كانوا يتمنون أن يلتحقوا بكلية الطب أو الهندسة، وبسبب أحداث ماضية لم تتح لهم الفرصة فيعتبرون بذلك أن على الأبناء تحقيق هذا الحلم، وهو خطأ لأنه يمثل ضغطا نفسيًا على الأبناء ويحدث صراع بين حلمه هو ومحاولة إرضاء أهله. وفى النهاية أود أن أقول أن كافة الأطراف كأولياء أمور أو تنسيق الثانوية العامة مسئولة عن الضغوط النفسية التى تتكون داخل الطالب وتؤثر عليه سلبًا تجاه مجتمعه فى المستقبل ويصبح غير راض عن نفسه أو عن عمله لتصنيفه لرغبة أى منهم، فهل تكفى الثانوية العامة كعام دراسى من حياة الطالب يتلقى فيها الطالب مجموعة من المواد الدراسية كأى مواد مثيلة قام بدراستها مسبقًا أن تحكم عليه وعلى توجهه المستقبلي؟ من وجهة نظرى فأنا لا أرى أى داعى لذلك التنسيق حقيقةً فالمؤهل الحقيقى للطالب لالتحاقة بكلية ما هى مؤهلاته وميوله ودوافعه هو نفسه وليس مجموع يحصل عليه الطالب من خلال مجموعة مواد دراسية ينساها الطالب خلال 12 يوم عقب آخر امتحان بحسب ما ذكر خبراء الاجتماع والأطباء النفسيين بالإضافة إلى أن مواد الثانوية العامة لا تصلح للتعيين بوظائف الدولة؛ لأنها غير متخصصة فهى مواد عامة وفى الغالب مكررة، لابد أن يكون هناك معايير أخرى للتصنيف كقدرات الطالب العملية أو الفكرية؛ معايير تعبر عن قدرته ورغبته الحقيقية بالإضافة إلى المجموع ولكن لا يكون هو المعيار الوحيد لأنه فى النهاية ليس له علاقة بالمواد التى ستدرس بأى كلية. وأرجو أيضًا العمل على زيادة الجانب العملى والتطبيقى بشركات ومؤسسات الدولة أثناء فترات الدراسة للطالب بمختلف مراحله التعليمية كى تثقل ما يتلقاه بالكتب الدراسية ويكون هناك ربط بينهما وبين المجتمع الخارجى فلا يكون أول صدام بينهم بعد التخرج وتكون أول جمله يتلقاها فى اول مقابلة " انسى اللى انت أخدته فى الجامعة وذاكرته خالص" والسؤال الذى يليه "عندك خبرة فى المجال ده قبل كدة؟" من أين ستأتى تلك الخبرة العملية وهو كل ما يفعله هو القراءة فقط والقراءة غير المستحدثة فنحن ندرس مناهج من الستينات والسبعينات أما الأبحاث المستحدثة فلا تستحدث بالمناهج إلا بنسب بسيطة أى أنها قراءة غير واعية، بلا هدف أو ربط بما يحدث بالمجتمع الخارجى.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;