يشير الرئيس المصرى دائماً إلى أن مصر غير منكفئة على نفسها، بل دولة قوية قادرة على استعادة دورها الفاعل فى العالم مهما تصاعدت أمامها التحديات والمخاطر، وهذه حقيقة واقعية، فعلى المستوى الدينى نجد أن كل من يتابع موضوع تجديد الخطاب الدينى ومحاربة الفكر الداعشى فى العالم لابد وأن يبدأ بجهود دار الإفتاء المصرية فقد استشعرت منذ البداية خطورة الفكر الداعشى فتحركت على كل المستويات المحلية والعالمية للمساهمة فى ذلك الأمر، وقد نجحت دار الإفتاء المصرية فى تقديم نفسها على أنها نموذج يحتذى به كمؤسسة إفتائية تؤدى رسالتها على أكمل وجه، بالإضافة إلى نجاح تلك المؤسسة فى الالتزام بكل الأسس والمعايير الإدارية الناجحة، بحيث أصبحت نموذجًا ناجحًا أيضًا فى الجانب الإداري، والعمل المؤسسي، وهو ما كان مفتقدا إلى حد بعيد فى كثير من الهيئات المحسوبة على المؤسسة الدينية فى العالمين العربى والإسلامى.
ولمواجهة فوضى الفتاوى والتى أوقعت الكثيرين فى براثن التطرف والإرهاب على المستوى العالمي، وتأكيدا للدور الدينى والريادى المصرى أعلنت دار الإفتاء المصرية عن تأسيس واحتضان الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم وقد جاء فى الوقت المناسب، وفى ظل وضع عالمى مليء بفوضى الفتاوى، التى يتم توظيفها لتحقيق أغراض سياسية ونفعية لا يقصد بها وجه الله، ولا الصالح العام ترويجًا لأيديولوجيات سياسية أفسدت على المسلمين دينهم وقوضت أمن مجتمعهم، وأثارت البلبلة والحيرة بين الشباب وبعض المتعلمين فضلاً عن البسطاء بما يمثل جرأة على اقتحام حمى الله، وأمان المجتمع بالغش والخداع، وهو مما يكدر أمن وأمان المجتمعات.
واحتضان مصر للأمانة العامة لدور الإفتاء فى العالم يُعد إنجازاً مصرياً جديداً يُنبئ بدور حقيقى مصرى واقعى لمواجهة الفكر الداعشى بالتنسيق بين دور الإفتاء لبناء منظومة إفتائية وسطية علمية منهجية تعمل على بناء استراتيجيات مشتركة بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء لطرح خطاب إفتائى علمى متصل بالأصل ومرتبط بالعصر؛ لمواجهة التطرف فى الفتوى.
ويترقب العالم الإسلامى حدثاً مصرياً جديداً بعد أسابيع وهو انطلاق مؤتمراً عالمياً لتأهيل أئمة مساجد الجاليات المسلمة على الفتوى تحت رعاية الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم والتى ترأسها دار الإفتاء المصرية وهذا يمثل بلاشك ريادة مصرية فى الجانب الديني، ويمثل إسهام ومشاركة ودور فاعل لدار الإفتاء المصرية فى تأهيل خطباء وأئمة مساجد مصر والعالم الإسلامي، فهو مؤتمر عالمى يفيد مصر أولاً قبل العالم وهو موضوع الساعة الآن فى المؤسسات الدينية المصرية، وقد تنبأت دار الإفتاء لأهمية هذا التأهيل منذ شهور عند إعلانها عن المؤتمر ،وقبل إثارة موضوع " الخطبة المكتوبة " فهو بلا شك بُعد نظر.
وحقيقى فلابد من توجيه التحية لجهود فضيلة مفتى مصر المخلص لدينه ووطنه د. شوقى علام، ولمستشاره صاحب الهمة العالية والفكر الإبداعى د. إبراهيم نجم على هذه الجهود التى تساهم بشكل كبير فى استعادة مصر لدورها الريادى فى العالم.
فعلى الجميع دعم هذه المبادرات وهذه النوعية من المؤتمرات لأنها تصب فى مصلحة الدولة المصرية وريادتها الخارجية، وفى مصلحة تصحيح صورة الإسلام فى العالم الخارجى.