المثقف الذى ينتظر من الدولة أن تمحو أمية أخيه أو ابن عمه أو جاره ولا يشارك هو فى محو أمية هؤلاء فى وقت فراغه ولو بالأجر هو شخص اتكالى لا يمكن أن يحل مشاكله الشخصية بسرعة فضلاً عن المشاركة فى حل مشاكل الوطن ؟
والفلاح الذى يسهر أمام قنوات الفيديو كليب حتى الفجر ويستيقظ من نومه بعد الظهر كيف يتأتى له ألا يقف فى طوابير الخبز بالساعات ؟
والشاب الذى لا يعرف عن محمد عبده إلا أنه مطرب سعودى وليس إماماً مجددا لا يمكن ان ننتظر منه اكثر من النيولوك، والشات على الفيس والجلوس فى الكوفى شوب.
والأسر التى تنتظر من شركات النظافة أن تجمع قمامتها وتنظف الشوارع التى تسكن بها لا يجب ان ننتظر منها فى المستقبل إلا المزيد من المشاكل التى لن تستطيع الدولة ان تحلها بمفردها ! ورحم الله زمانا كان كل واحد فى شارعنا يكنس أمام منزله، بعد صلاة الفجر وفى كل يوم دون ان يخجل أو يتأفف؟
والمواطن الذى يستخدم خرطوم المياه بالساعات مهدرا عشرات الأمتار المكعبة من المياه النظيفة التى تلهث بعض شعوب المنطقة وراء بعض القطرات منها، ماذا تنتظر من ورائه إلا الإهمال فى العمل وعدم الأمانة فى التعامل مع الآخرين؟
إننا ما لم نتغير نحن أفراد الشعب ونغير من طريقة حياتنا، ونغير نظرتنا إلى العمل والإنتاج ووظيفة رأس المال فلا يجب ان ننتظر من أية حكومة ما نؤمله، وإلا كنا كالقطيع الذى ينتظر عصا الراعى؛ لان الحكومات فى كل الدنيا لا تتقدم بالوطن بمفردها وإنما عن طريق الشعوب لذلك لا يجب ان ننتظر من الحكومة ان تعين شرطياً بجوار كل شاب وفتاة يسوقهما ويحثهما على قراءة الكتب ومشاهدة البرامج الجادة والنوم مبكرا والاستيقاظ لصلاة الفجر وتأدية التمارين الرياضية وتعلم مبادئ الكومبيوتر والبرمجة، والاعتناء بالبيئة وحب الجمال.
إن ما على مؤسسات الدولة أن تفعله هو تهيئة المناخ الصحى الملائم لكل ذلك من خلال سن القوانين وتطبيقها على الوزير والخفير بنفس القوة والسرعة والحزم وحماية الحريات والممتلكات والقيم ورعاية المواهب وهو ما نطالبها به ثم يأتى الدور الأكبر بعد ذلك علينا نحن أفراد الشعب، فإما الجدية وتوديع روح السلبية إلى مثواها الأخير فى مقابر الصدقات أو البقاء محلك سر اللهم إن لم يكن التخلف عن الركب؟