كل فترة تأتى علينا نجد أنفسنا أمام كارثة من نفس النوع تقريبا تتكرر كثيرا وهى غرق المراكب التى تستخدم فى عمليات الهجرة غير الشرعية وغذا نظرنا للأمر برمته نجد للأسف شباب يغامر بل ويضحى بحياته فى سبيل الأحلام التى نسجها فى مخيلته فى إنشاء حياة جديدة بإيجاد عمله يدر عليه الكثير من المال ما يجعله يستطيع تدبر تكاليف الزواج الباهظة تلك الأيام والتمكن من عمل مشروع خاص به فى مصر يضمن به حياة مستقرة بعد الرجوع مرة أخرى لمصر.
ولكن كل تلك الأحلام تتحطم على صخرة الغرق ويفقدوا حياتهم هباء نحن أمام خطأ كبير مشترك فيه عدة اطراف فالطرف الاول الشباب انفسهم حيث يبحثون عن حلم جمع المال السريع ولو يهمهم ماهية الوظيفة التى سوف يعملون بها المهم انهم سوف يتقاضون رواتب كبيرة أما الطرف الثانى هى الدولة التى لابد من أن تتحمل مسئولياتها تجاه الوطن والشباب فى أن تجد فرص عمل حقيقية تؤمن لهم العيش فى بلادهم حياة كريمة ومستقرة وأن تعمل على دراسة الموضوع دراسة متأنية للوقوف على أسباب هجرة الشباب واللجوء للطرق الغير شرعية للخروج من البلاد بصورة متزايدة، بل ومخيفة وما هى الآليات التى يجب استخدامها للحد من ذلك وتحويل ذلك تدريجيا فى ايجاد وظائف فى المحافظات التى يخرج من هؤلاء الشباب طلبا للهجرة وتعريض حياتهم لخطر الموت .
إن أكثر ما أزعجنى هو تباطؤ الدولة ومسئوليها فى متابعة الحدث فى اولى لحظاته فى خلال الاربعة ايام الاولى لم تطأ قدم اى مسئول فى الدولة مكان الحادث وتركوا اهالى الضحايا بمفردهم مرابطين امام البحر لدرجة أن بعض أهالى تسرب اليهم الشعور بأنهم مواطنين من درجة منخفضة وانا لا قيمة لهم مما ولد موجة من السخط لدى الراى العام فى جدية الحكومة فى التعامل مع تلك الازمة.
ولكن للأسف ظلت الحكومة متجاهلة الوضع الكارثى ولم يكن متواجد غير القوات المسلحة كعادتها دوما فى الأزمات التى تمر بها البلاد حتى وصل الرئيس من الخارج بعد انتهاء مشاركته فى اجتماع مجلس الامن بالولايات المتحدة الامريكية وعقد اجتماع طارئ مع رئيس الوزراء واللجنة الأمنية المصغرة وطالبها بضرورة تكثيف إجراءات تتبع تلك المراكب وإحكام السيطرة من خلال وزارة الداخلية فى شرطة المسطحات المائية ووزارة الدفاع من خلال قوات حرس الحدود وكذلك الوصول إلى المتورطين فى هذا الحادث وتقديمهم للمحاكمة والسؤال هنا لماذا ننتظر دائما الرئيس حتى يصدر تعليماته حتى تتحرك الحكومة والمسئولين لاتخاذ اللازم فى مواجهة الازمات اذا كان هذا المبدأ الذى اتخذته الحكومة لنفسها منهاجا لها فان مسلسل الازمات ويتضمنها مسلسل الغرق من خلال الهجرة غير الشرعية للشباب سيظل ينتج مشاكل لا حصر لها بسبب وقوف الحكومة موقف المشاهد.