كانت هذه الرسالة من البحر الأبيض المتوسط بعد أن ابتلع داخل جوفه هذه المركب التى كانت تحمل على ظهرها أكثر من ربعمائة من رجال وشباب أطفال ونساء، منهم من مات ومنهم من نجاه الله وهذا نص الرسالة:
(أبدأ الحديث معكم أولا بالعزاء لأهل الضحايا، وهو واجب أهم من كل ما يمكن أن يقال، ولكن أقول لكم إننى أتواجد هنا منذ قديم الأزل منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها وما رأيت ما يحدث الآن كل عام آلاف الضحايا من شتى البلاد وليس من مصر فقط يهلكون داخلى لست السبب فلست من أحضرهم إلى هنا حيث المياه العميقة والأمواج العاتية والظلام الدامس داخل الأعماق.
تاهوا داخل هذه الأعماق كما كانوا تائهين على الأرض و أكلتهم الأسماك . أنا أتألم كثيرا من صراخهم ومن الهلع الذى رأيته فى عيونهم . خسروا كل شىء المال والأهل والولد . أطفالا وشبابا ورجالا ونساء . سماسرة الموت الذين تاجروا بأرواحهم بنظام الموت المدفوع مقدما . حكايات ورويات وراء كل جثة قصة كبيرة تكاد تنطق وتحكى لك ما حدث حتى الناجين منهم عيونهم تملأها الألم ما هى الأسباب وما الدوافع و ما وراء هذه المغامرة الخطرة، إنها رحلة ذهاب بلا عودة. النصف الأول من الحكاية أهم من النصف الآخر . لماذا مات الأمل. لماذا كانت هذه الخطوة، فإذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت فهل يسعهم البحر فى بطنه، الأسباب هى فقر فكرى قبل أن يكون ماديا، وفقر إرادة ويأس قبل أن يكون أملا ونجاحا . ومن يسخر منهم ويحاول إلقاء التُهم عليهم أقول له الرحمة بأبناء مصر وكفى عليهم المصيبة التى وقعوا فيها والوقت ليس وقت عتاب ولوم واتهام .
الأسباب يعلمها الجميع من وضع اقتصادى واجتماعى وظروف صعبة تمر بها البلاد وسيأتى اليوم الذى تتحسن فيه هذه الظروف بإذن الله وكل ما أقوله إن شباب مصر ثروة لا عبئا . فقط يحتاجون أن تمتد اليهم الأيادى فتعطيهم الثقة و تساعدهم وتطور من خبراتهم وترفع من معنوياتهم وقدرتهم على المنافسة فى التصنيع والابتكار واحتضان الشباب بمبادرات قوية وأيضا مساعدة الشباب فى الهجرة الشرعية عن طريق الضغط على سفارات هذه البلاد ( فرنسا – ايطاليا ) هنا فى مصر مقابل إستثماراتهم التى تقدر بالمليارات فى مصرونعلمها جيدا فى البترول والاسمنت وكما يستفيدوا من مصربالمليارات من الدولارات سنويا نستفيد أيضا منهم بتصدير العمالة الشرعية لتكون مصدرا للدخل القومى من العملة الصعبة .ونقولها أولا وأخيرا تطويرالتعليم هو طوق النجاة الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم).