ليس علينا جناح فى أن نغير من حولنا فإن كان مُقدراً لهم الصلاح لانصلحوا وإن كان علينا غير ذلك فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.. بهذه الدعوة الواضحة للسلبية والخمول بدأ صديقنا كلامه، وجلست منفرداً أفكر فى واقع مرير نحياه.. انغلق بعضهم فى قوقعته مُعلنا الاستسلام عن خوض معركة الحياة وأُلقى البعض الآخر فى طريق التطرف والإجرام والتيه فى الأرض كنتيجة طبيعية لتخلى أهل المسئولية والقيادة عن دورهم المُكلفين به.
لو وضعوا نصب أعينهم قول المولى جل فى علاه: "ثُمّ لَتُسْأَلُنّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النّعِيمِ".. لأدركوا حجم نعيم المسئولية ذلك الواقع على عاتقهم.. فالذرية نعيم مثلها مثل الصديق والزواج.. والنعيم رزق كالمال.. إن تم استغلاله فى ما ينفع كَثُر وحلت عليه بركة الله واصبح نعمة، وإن خالف ذلك إنقلب نقمة على صاحبه.. وانقلبت معادلة اخراج المنحة من باطن المحنة فأصبحت محنة وبلاء.
البعض مِنا يأخذ ابنه بذنب ابن نوح أو زوجته بذنب زوجة لوط فيمنح الجدل ويمنع العمل ويجلس على موائد أذنيه ويترك ميادين قدميه فتراه يتركهم ويلعن قسمته وهى لعنة مريحة لعقله إذ تذهب عليه شقاء التدريب والتطوير وتخمل خلايا عقله ويستمر فى القاع متخلياً عن مسئوليته تجاه هؤلاء.. المسئولية رزق لا يكلف الله بها إلا من امتلك وسعها.