لاشك أن مصر تتعرض لهجمة شرسة فى الفترة الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعى وفى وسائل الإعلام العالمية هدفها النيل منها، وهى حرب نفسية بالدرجة الأولى لزعزعة استقرار البلاد وخلق مناخ من العداوة بين مصر والدول الحليفة لها وهذا الأمر ليس بالجديد، فطالما خاضت مصر مثل هذه المعارك من خلال التطويق الدولى لها بهدف القضاء على مشروعها التنموى .
فقد تعرضت مصر منذ ثورة 30 يونيو والإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين لهجمات هدفها محاولة فرض العزلة الاقتصادية ودفع الدول الأجنبية والعربية على حد سواء إلى اتخاذ مواقف معادية للدولة المصرية والشعب الذى خرج رافضا حكم جماعة الإخوان، وطالب بالقضاء على الحكم الشمولى الذى عمد على تصنيف الشعب المصرى بناء على معيار الانتماء إلى التيار الإسلامى، حيث قسم الشعب إلى فئتين؛ فئة المنتمين إلى التيار الإسلامى وبالتحديد جماعة الإخوان المسلمين والفئة الأخرى هى الغالبية من الشعب المصرى والتى لا تحسب على الجماعة الإخوانية.
وبعد ثورة الثلاثين من يونيو شعرت القوى الفاعلة الكبرى بأن مصر متجهة نحو الاستقلال والخروج من عباءة الولايات المتحدة الأمريكية وعدم الرضوخ لإملاءاتها وتدخلاتها، مما دفع إلى بث الشائعات وتحريض فئات الشعب عبر وسائل إعلام ومنظمات حقوقية موالية للولايات المتحدة الأمريكية، ومن هذه الشائعات ما أطلق منذ فترة حول شائعة الصلاة فى المساجد بمقابل أى تحميل المصلين نفقات استهلاك الكهرباء والمياه فى المساجد، وأيضا شائعة نية منع الصلبان والأجراس والقباب فى قانون الكنائس الجديد، وهذه الشائعات تتعمد الانصباب على المشاعر الدينية لما لها من تأثير على الشعب المصرى، نظرا لأن الشعب المصرى متدين بطبعه سواء كان مسلما أو مسيحيا حتى يتحقق الهدف منها وهو استفزاز مشاعر المصريين فى أكثر المناطق حساسية وقداسة.
ولا شك أن ترويج الإشاعات لا يتم اعتباطا، وإنما هناك هدف أساسى من ورائها وهو إسقاط الدولة عن طريق التشكيك فى قدراتها واستعداء المواطنين لها مما يخلق حالة من عدم الاستقرار والفوضى، مما يتسبب فى أضرار بالغة على جميع النواحى السياسية والاقتصادية، فالإشاعة من الممكن أن تؤدى إلى انهيار الاقتصاد، كما أنها سياسيا تؤدى إلى تباين وجهات نظر والخلافات والحروب الأهلية .
ويعرف العلماء الإشاعة على أنها مجموعة من الأخبار الزائفة التى تنتشر فى المجتمع بشكل سريع ويتداولها العامة بشكل سريع ظنا منهم أنها صحيحة، وهى تفتقد دائما إلى مصدر لها موثوق للمعلومة الذى يحمل أدلة صحتها وتهدف هذه الأخبار إلى التأثير على الروح المعنوية والبلبلة وزرع بذور الشك وقد تكون هذه الإشاعة عسكريا أو سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، وهى من أساليب الحرب النفسية، وتشمل الدعاية وافتعال الفتن والأزمات .
إذن علينا أن نعى ونكون حذرين من ترويج أخبار غير موثقة، وأن نفكر فى تأثير تلك الشائعات الكاذبة على بلادنا، تلك التأثيرات على الاقتصاد وعلى النواحى الاجتماعية والتى تؤدى إلى انهيار اقتصادى وتفتت وتصارع أبناء الوطن، وهذا ما يريده الأعداء والمتربصون، وأن من يروجون لهذه الشائعات لهم أهداف من ورائها منها تحقيق مكاسب شخصية وسياسية تتلاقى مع الأهداف الخارجية بإسقاط مصر والسيطرة على مقدراتها وهذا لن يحدث أبدا، حيث إن مصر بها جيش قوى يحميها ووراءه شعب يسانده ويدعمه معنويا .