تدق أبواق الاستعداد للانتخابات المحلية، فثقافة الماضى تزاحم طموح الحاضر وتعيق أمل المستقبل، منذ عشرات السنوات تبلورت ثقافة أحادية الجانب عن طريق الحزب الحاكم والذى تكون فى عهد السادات وتمركز فى عهد مبارك، تحالف فيها النظام مع نفوذ العائلة والقبلية والمال فأصبح الهيكل الانتخابى فى كل الدورات البرلمانية او الانتخابات المحلية يتشكل من تجار وسماسرة ومعلمين وصبيان معلمين.
وأصبحت حالة موسمية تشبه شادر لبيع الخضار، فهناك السمسار الذى يقنع المعلم صاحب الخضار بالذهاب إلى تاجر معين وهناك التاجر الذى يعقد الاتفاقيات بين المعلمين وهناك الصبيان الذين يقفون وراء وبجانب المعلمين، فالمعلم هو المرشح البرلمانى والسمسار هو الذى يسترزق لتوصيل المرشح إلى الرأس الكبيرة التاجر. وعادة يكون السمسار هو المواطن الضعيف الذى يجيد التلميع والتاجر هو نفوذ قبلية أو مالية اجتماعية او سلطة تنفيذية، والصبى هم الصغار الذين يلتفون حول المرشح كل ذلك فى الانتخابات البرلمانية.
وعندما تحل الانتخابات المحلية هنا حساب الصفقات التى عقدها التاجر مع عضو البرلمان أثناء الترشح . وأيضا حساب الصغار الذين ساندوا عضو البرلمان وربما يصبح السمسار من ضمن صفوف الصغار .. فعضوية المحافظة يترشح لها اتباع التاجر الذى هو نفوذ العائلة أو نفوذ المال أو السلطة والذى ساند العضو البرلمانى بعقد الاتفاقيات أو من صبيان عضو مجلس الشعب.. وعضو المركز أيضا يكون من صبيان العضو البرلمانى أو اتباع التاجر.. وعضو المجلس القروى يتم ترضيه بعض السماسرة والصبيان الصغار.. تلك هى الحقيقة التى لابد أن نتعامل معها حتى نستطيع وضع أيدينا على مواجع وأمراض بعض الثقافات فى وطننا.. وفى وسط هذا الزخم الذى يزدحم به شادر الانتخابات يختفى أو ينزوى الأشخاص المستحقين أن يمثلوا الوطن ويمتلكون أدوات العطاء من ثقافة ورؤية وتأثير لأنهم لا يتحملون أو يتقبلون سخافة المشهد الانتخابى وكل ما يحتويه من تصرفات لا أخلاقية أو إنسانية أو ثقافية تتنافى تماما مع تكوينهم الثقافى والأخلاقى وربما الاجتماعى، فلابد أن يتم التفكير خارج دائرة ذلك المشهد التقليدى الذى سيطر على الثقافة الانتخابية للشارع المصرى منذ عشرات السنوات فتتحمل الأحزاب السياسية جزءا من المسئولية بضرورة البحث عن تلك النوعية من الأشخاص الذين يمتلكون أدوات العطاء ولكن يعتكفون عن الظهور فى المشهد وأيضا على أعضاء مجلس الشعب تحمل مسئولياتهم أمام الوطن وضميرهم بأن تكون مساعدتهم ودعمهم لمن هم يستحقون وأن تتكاتف أجهزة الدولة أيضا من أجل ذلك الهدف ومعها وسائل الإعلام التى أطالبها بلباس جلباب الوطن وتسليط الضوء على سلبيات ذلك المشهد الغير مقبول وكيفية التغلب عليه . فمن المنظور السياسى عضو المحليات أى أن كان محافظة او مركز او قرية هو من بتعايش ويتلامس مع قاع ومفاصل المجتمع ويرى جيدا مكان وحجم ونوع المشكلة . وأيضا يستطيع الدخول فى المواجهة معها وكيفية تحجيمها والتغلب عليها عبر أدوات مساعدة من الدولة وايضا تعاون العضو البرلمانى معه.. فالانتخابات المحلية القادمة هى مرحلة مهمة من مراحل لملمة اشلاء الدولة الذى استلمها النظام الحالى ويحاول تثبيت أركان .