يعانى وطننا العربى الكبير حالة تكاد تكون الأسوأ فى تاريخه العريق فما بين الاقتتال الداخلى وبين الاحتلال الخارجى ـ تحت أى من المسميات ـ تقبع عدة دول عربية فى نيران هذه الأوضاع فى الوقت الذى يفتقد فيه الوطن العربى إلى أهم ما كان يميزه من تلاحم ووحدة وتكاتف وتضحية وكلها شيم عرف بها العربى القديم. حتى انحصر الوطن العربى فى إطار المفعول به دائما ولم يعد فاعلا كما كان قديما عندما كانت أنوار حضاراته وثقافاته وعلومه تشع على العالم كله رغم أنه يمتلك مقومات الريادة والصدارة من مساحة وثروات وأهمها الثروة البشرية وغيرها وغيرها.
هذا الوضع أثر بشكل سيئ مع مرور الوقت على طبيعة الشخصية العربية فأصبح العربى ينظر لغيره من المجتمعات الأوروبية نظرة تبجيل وتوقير وانقلب الهرم وانقلبت الموازيين وأصبحنا من شعوب العالم الثالث بعد أن كنا مصدر إشعاع للعلوم والفنون وقبلة لأنظار العالم الراغب فى التحضر والتمدين هذا الوضع وذلكم التصنيف قد زاد من الهوة بين هذه المجتمعات والمجتمعات العربية وبين المجتمعات العربية بعضها البعض ورغم وجود دول عربية تمتلك إمكانات مادية تفوق الكثير من الأقطار الأوربية إلا أننا نجنى ثمار هذا الفكر فيغرق شبابنا وتنتهى حياته من أجل الانتقال والانتساب إلى هذه المجتمعات من خلال ما يسمى بالهجرة غير الشرعية.
وبالتأمل فى أحوال بعض أقطارنا العربية لا نجد إلا التفكك والانحدار نحو الهاوية فلم يعد بمقدورها الوقوف على قدميها مرة أخرى كالغريق الذى لا يجد من حوله من ينقذه رغم وجود الكثير من الأشقاء المتواجدين حوله إلا أنهم كسراب أو كزبد البحر والغريب أن الجميع يعلم بأوجاعها وهمومها إلا أنك تشعر وكأننا قد تعاهدنا والتزمنا ـ فى هذه المرة فقط ـ ألا ننظر إلى أوجاع بعضنا البعض وألا نلتفت إليها وألا نقيم لها وزنا فى ضمائرنا وهنا يجب أن نفيق لقد بلغ السيل الزبى ولم يعد أمامنا إلا أن نقف أمام مشاكلنا بل قل كوارثنا أو على الأقل نعترف بها ثم البدء فى إيجاد الحلول لها اقتداء حتى بمن لا تربطهم لغة أو دين أو وحدة مصير فهم يجتمعون فى كيانات كبيرة ونحن ننقسم إلى دويلات صغيرة أو يغرس بداخلنا كره أوطاننا تمهيدا للنهش فى جدرانها حتى تكبر الفتحات وينهار الجدار لنيسر للمحتل المجىء تحت شعارات ومسميات عديدة اختلفت جميعها إلا أنها توحدت كلها فى الهدف.. ورسالتى إلى أبناء عروبتى أن أفيقوا فالوطن لا يعوض وما يحدث لأعضاء جسده غير خاف على أحد ولم يتبقى غير القلب وقليل من باقى الجسد لم يصبه الوهن والحرب والدمار.
أفيقوا يا عرب فمصر القلب تعانى والقلب أن وهن مات الجسد أفيقوا يا عرب فدموع الوطن رسالة لنا جميعا أن نفيق قبل ضياع فرصتنا الأخيرة فى إحياء جسد وطننا العربى من خلال الحفاظ على قلب العروبة النابض وإلا فسيأتى وقت تصبح دموعكم بلا قيمة بلا جدوى كمن يبكى على لبن قد انسكب أفيقوا ياعرب واحذروا من ينتمى إليكم أكثر من عدوكم فعدوكم اختار البعد عنكم لمعرفته بجبروتكم الموروث فحاربكم بمن فيكم ومنكم وأفيقوا يا عرب.