إن التعليم مسئولية مجتمعية وأداة ربانية فى بناء الشعوب وحضارتها، وديننا الإسلامى يحثنا على طلب العلم فأول آية نزلت من القرآن الكريم هى (اقرأ) والرسول صلى الله عليه وسلم قال "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"، وقال العرب قديما "اطلبوا العلم لو فى الصين" واليوم نقول "اطلبوا العلم لو فى فنلندا".
فنلندا كانت تعتمد فى دخلها القومى على تصدير الأخشاب والمنتجات الزراعية أصبحت فى خلال عقدين من الزمن من أبرز القلاع العلمية على مستوى العالم، فلديها الآن أكبر شركات المحمول ومئات الشركات العملاقة العاملة فى شتى المجالات العلمية والتكنولوجية، وهذا التطور العلمى لم يأت صدفة وإنما تقف وراءه إرادة شعب ورصيد هائل من العلماء والباحثين جعل من التعليم أولوية قصوى.
إن تجربة التعليم فى فنلندا تجربة رائدة وعلامة مميزة يعلى من قيمة الفرد وينمى قيم الإبداع والبحث والقراءة، فبدأ التعليم فى فنلندا فعليا بمرحلة تعرف باسم التعليم المبكر للأطفال والرعاية الصباحية، وذلك حتى سن خمس سنوات وهى ليست الزامية وعندما يبلغ الطفل السادسة يلتحق بعام دراسى يعرف بعام ما قبل التعليم، والتى تعد نموذجا يحتذى به فى إعداد النشء وتنمية مداركهم واكتشاف مواهبهم وقبل ذلك تشجيعهم على تلقى العلم واكتساب مهارات فى القراءة، وبعد ذلك ينخرط الطالب فى التعليم الأساسى الإلزامى ويستند النظام بشكل أساسى إلى مبدأ المساواة والمجانية فى التعليم الإلزامى الذى يمتد لمختلف مراحل التعليم
المعلمون فى فنلندا يحظون باهتمام كبير من الدولة والمجتمع فرواتبهم ضمن الشريحة العليا للرواتب. فالمدرس هناك لابد أن يكون حاصلا على درجة الماجستير على الأقل إضافة إلى شهادة تربوية عالية.
إن المدارس المهنية تلقى اهتماما واسعا لإعداد الكوادر الفنية المؤهلة لسوق العمل فى المهن المختلفة يتم تمويلها عن طريق البلديات بالأساس، وهى مزودة بجميع الإمكانيات وتلقى دعما واضحا من الدولة.
كما يتم ربط التعليم الجامعى بمراكز ابحاث علمية بالغة التقدم، كما يحظى بدعم مالى كامل لطلاب الجامعات لاستكمال دراستهم سواء فى الجامعة أو للماجستير والدكتوراه.
إن الأسرار الأربعة وراء النهضة التعليمية فى فنلندا هى:
أولا: تحويل التعليم فى عقل ووجدان المتعلمين من تهذيب وإصلاح إلى متعة كاملة فساعات البقاء داخل الفصول أقل من تلك التى يقضيها الطالب فى الأنشطة الرياضية والفنية خارج الفصل.
ثانيا: يعتمد التعليم على النظام التقيمى وليس هناك اختبارات إلا فى نهاية الثانوية العامة وإنما هناك تقييم من قبل المعلمين وتبقى النتائج سرية إلى أن يطلبها مجلس التعليم الوطنى بهدف تحسين آلية التعليم فقط.
ثالثا: رواتب المدرسين كبيرة مقارنة بالمهن الأخرى كما أن المعلم له حق اختيار الكتب وتقسيم المادة واختيار الدروس التى يريد إعطاءها وطريقة التدريس حسب رغبته واقتناعه بأهمية المواد والمحتوى العلمى
رابعا: المجانية فى جميع مراحل التعليم والمساواة وتكافؤ الفرص فى التعليم بين التلاميذ والمدارس واستبعاد السياسة من التعليم لتجعل التجربة الفنلندية على قمة افضل نظم التعليم فى العالم
هل نستفيد من روح هذه التجربة ونطبقها بما يتناسب مع ظروفنا وإمكانياتنا.