خالد زهير يكتب: الذكاء الصناعى والموسيقى

يعتبر الذكاء الصناعى من أهم سمات المستقبل. وهذا المقال هو محاولة لتقريب مفهوم الذكاء الصناعى عن طريق القياس مع الموسيقى. لم يكن للذكاء الصناعى أى وجود على أرض الواقع قبل عام 2010 تقريبا. وكان وجوده مقتصرا على الأبحاث الأكاديمية وأفلام الخيال العلمى. أما اليوم فنحن كلنا بحاجة لفهم ما هو الذكاء الصناعى بعد أن أثبت فى السنوات الأخيرة أنه جزء لا يمكن إغفاله من مستقبل البشرية أو كما أسميه التاريخ المهم. التاريخ المؤثر والتاريخ المهم. "يكسر الذكاء الصناعى القيود التى يفرضها العقل البشرى على نظم التحكم ككسر الموسيقى القيود التى تفرضها النوتة الموسيقية على الفن. فالنوتة الموسيقية ساعدت الإنسانية فى تقدم سريع للفن الموسيقى والموسيقى السماعى تعطينا أبعد ما تعطيه النوتة." هذا ما أريد أن أقوله فى هذا المقال. وبقية المقال عبارة عن شرح لما سبق. تعود أقدم محاولات لكتابة الموسيقى إلى القرن الأول الميلادى. والنوتة الموسيقية كما نعرفها اليوم بدأت منذ القرون الوسطى فى أوروبا. وبالطبع تطورت النوتة لتسجل الأصوات الموسيقية المختلفة التى لم تكن معروفة وقتها لمبتدعى النوتة. ومن التطورات المعروفة هى إدخال النصف تون والربع تون لكتابة الموسيقى الشرقية. وكذلك تغيرات لكتابة الموسيقى الصينية والهندية. وكذلك الحال للتقدم التكنولوجى الذى نعرفه اليوم. فتطور التليفون فأصبح محمولا وأصغر وأفضل وأرخص. واليوم تبدو النوتة الموسيقية كشىء مكتمل يستطيع أن يسجل كل أنواع الموسيقى. فاستطعنا أن نبنى على موسيقى السابقين وأن نؤلف أنواع متقدمة من الموسيقى. وكل ما علينا أن نبتكر موسيقى جديدة فى إطار النوتة. وهذا ما أعنيه أنها ساعدتنا على التقدم السريع. وفى نفس الوقت ومع كل التعديلات فقد حصرت تفكيرنا وتصنيفنا لما هو موسيقى بما يمكن كتابته. وتعوّدنا على هذا القيد أعطانا انطباعا بالكمال وبأنه لا يمكن أن نصل إلى موسيقى جديدة خارج إطار هذا القيد. أى يحدنا أن نصل بالموسيقى لأبعد ما نحن عليه. وكذلك الحال بالنسبة للتكنولوجيا. فنحن لا نجد حاجة للتحكم بالأشياء أكثر مما هو متاح. فالتقدم التكنولوجى موجود حولنا من تليفون وتليفزيون وأقمار صناعية وأدوات تساعد فى أعمال المنزل والسيارات... إلخ. فقد وصلنا إلى تقدم سريع فى كل المجالات تقريبا حتى أننا لا نعرف ما الذى يمكن أن يقدمه الذكاء الصناعى أكثر مما قدمته الثورات الصناعية الثلاث (المحرك البخارى - الكهرباء - ثم الكمبيوتر) . وبقدر صعوبة تصور ماذا يمكن أن تحققه الموسيقى بدون النوتة تكون صعوبة تصور ما الذى سيحققه الذكاء الصناعى. وبقدر ما ستهاجم فكرة الاستغناء عن النوتة هوجمت فكرة الذكاء الصناعى، حيث كان كثيرا من المهندسين والأكاديميين يشككون فى قدرات الذكاء الصناعى، وأثبت البعض علميا أنه لا يمكن للذكاء الصناعى أن يقدم أبعد ما قدمته الثورات الصناعية الثلاث. أرجو أن أكون وفقت فيما أريد أن أوصله للقارئ. وقد يكون القياس مع الموسيقى غير مطابق للموضوع. والمهم أن نعرف أننا على أعتاب تقدم غير مسبوق وغير مفهوم وأن الذكاء الصناعى هو أحد دعامات هذا التقدم. وأخيرا أن نعرف أن مستقبلنا سيحدده التقدم التكنولوجى أكثر بكثير من العلوم الإنسانية كالسياسة والتجارة والإيديولوجيات المختلفة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;