عرفنا وسمعنا أن مصر بلد العجائب وارتبطت هذه العجائب بالأهرامات والحضارة الفرعونية بصفة عامة ، إلا أن المصريين فى العصر الحديث أبوا إلا أن يكون لهم عجائبهم التى يحفرونها فى سجل العجائب مع الاختلاف الشديد بين عجائب المصريين القدماء وأحفادهم من المصريين الآن أهم هذه العجائب هى التعليم المصرى ، نعم إنه التعليم المصرى للمرة الثانية أى نعم إنه التعليم المصرى فلا يخفى على أحد فى مصر أو خارجها _ ممن يعرفون حتى أقل المعلومات عنها _ أن التعليم المصرى يحمل هذه الصفة وعن جدارة غير أن سجلات العجائب لا تحصر إلا عجائب الاتجاه الإيجابى وليس السلبى مهما علت أعجوبته .
وأول هذه العجائب هى الاعتراف الكامل من الجميع بوجود هذه الصفة وتفرده بها متخصصين وغير متخصصين وهذه نقطة مهمة جدا فى أساليب العلاج وأساليب التفكير العلمى فى حل المشكلات وهى الاعتراف بوجود مشكلة وتقريبا ينظر لها على أنها كما أسلفنا نقطة تميز أو أعجوبة صغرى فى حلقة الأعجوبة الكبرى التى يتصف بها نظام تعليمنا المصرى ويقف الجميع من أصحاب القرار وأصحاب الرؤى والمتخصصون عند هذه النقطة، وهى نقطة الاعتراف بوجود مشكلة فى نظام تعليمنا ويتم البحث وتتم الدراسات وتصل إلى مقترحات وتوصيات اكتظت بها الأدراج ويظل هو كما هو شامخا بسماته وخلله الغريب الذى جعله يحمل صفة العجائب وصار كالمريض الذى استطاع ترويض مرضه والتكيف معه فصارا أصدقاء لا يستطيع أحدهما أن يستغنى عن الآخر أو كالمريض الذى استغل مرضه ليقتات منه ويعيش و نظام تعليمنا المصرى لديه ازدواجية فى جميع عناصره أولياء الأمور لديهم ازدواجية فينظر إلى نفس المعلم نظرتين مختلفتين المعلم فى السنتر أو فى المنزل غير نفس المعلم وهو داخل الفصل الدراسى فى المدرسة المعلم نفسه نفس المعلم لديه ازدواجية يؤدى فى السنتر أو فى المنزل أداء مغايرا تماما لأدائه فى الفصل الدراسى فى المدرسة المنهج الدراسى نفسه لديه ازدواجية، فمنهج المدرسة عقيم وكتابه سقيم أما منهج التعليم خارج المدرسة مبهج وكتبه زاهية حتى الطباشير لديه ازدواجية الكل لديه ازدواجية فى شخصيته لصالح دعم العجائب فى التعليم المصرى حتى وهن الجميع من كثرة الحديث عن العيوب والحلول الواضحة كوضوح الشمس فى أغسطس الحارق ولا جديد أجيال وراء أجيال رغم أن : التعليم يا سادة هو القاطرة التى تقود الأمم لا غيرها التعليم يا سادة هو من أخرج الإنسان من الظلمات إلى النور التعليم يا سادة هو ما أوصت به كل الكتب السماوية ودعت إليه التعليم يا سادة ليس بدعة وليس ترفاً بالتعليم يا سادة لا بغيره تنهض الأمة وتتقدم فهل مازال هناك شك فى حسن النية لتقدم الأمة فى ظل هذا الاهتمام بالتعليم المصرى ؟ فلك الله يا مصر يا بلد العجائب.