نهلة محمد عبد الحميد أيوب تكتب: ومن كأبى؟

الفقد موحش يا أبى موحش لدرجة كنت لا اتخيلها .. فقدتك بين ليلة وضحاها .. ما عادت شمسى تشرق وما عادت زهورى تُنبت فأصبحت حياتى صحراء قاحلة فقدتك يا أبى وفقدت بسمتى معك .. مازالت ذاكرتى مليئة بك .. لم تعلم يا أبى كم كانت أصعب لحظات حياتى قاسية وأنت بجوارى فى إحدى مدن القاهرة وأنت تمسك يدى بشدة لنعبر من ميدان التحرير حينها انقبضت روحى ونظرت إلى السماء وناجيت ربى سرا إلهى أطل بعمر أبى فأنا مازلت بحاجته لا تفلت يده من يدى واحفظه لى اعواما كثيرة فانا بدونه لا شىء .. أتذكر ذلك اليوم جيدا يا أبى لقد حدث ليلها ما كنت أخشاه وأصبت فى حادث اليم وكدت أن أفقدك .. ولكن الله كان بى رؤوفا رحيما فلقد حفظك لى رغم تلك الجروح والكسور العميقة .. ولكن مازال انقباض قلبى دائم لا يفارقنى ولقد تعافيت يا أبى .. لكن شاء ربى أن يبتليك ثانية وشاء لى أن يختبر صبرى فيك كانت ثانى أقسى لحظات حياتى عندما فاجأتك أزمة قلبية حادة وكدت أن تفلت يدى ثانية ودعوت الله كثيرا أن يحفظك لى فهو يعلم جيدا مكانتك فى قلبى آيا قلبى ... بعدها سافرت أنا وتركتك بدوامة المرض وودعتنى وداع فراق يا أبى .. ثم جاءت ثالث أقسى لحظات حياتى عندما قرر الأطباء إجراء عملية جراحيه لك خطيرة بالقلب ومازال انقباض قلبى دائم .. فى تلك اللحظة كان ربى بى رحيما إلى ابعد حد كنت لا اتخيله فيسر لى سفرى لألحق بك قبل إجراء العمليه بيومين .. آهٍ يا أبى لو تعلم كم بكى قلبى عندما أرتميت فى حضنى وكأنك طفلى الضائع منى منذ سنوات لم تتخيل يا أبى ماذا فعل هذا الحضن بى لقد انتزع شيئا من قلبى للأبد علمت وقتها انه الحضن الأخير حبست دموعى وأنفاسى ورجوت ربى أن يربط على قلبى ... ثم جاءت رابع أقسى لحظات حياتى .. يوم إجراء العملية اتذكر حرفيا ماذا حدث وكأنه البارحه كل شئ يا ابى .. تارة تضحك معى وتاره تودعنى بنظرات حانيه وتارة اخرى تشرد وتذهب بعيدا عنى .. عندما ذهبت معك إلى غرفة العمليات استودعتك عند ربى وقلتها لك بحرارة بكل ما أوتيت من ايمان بالله استودعتك عند ربى ياابى ..اه يا ابتى لو تعلم ... كم كانت فرحتى وانا اسمع دقات قلبك وكأن روحى قد عادت للحياة مره اخرى اتذكر تلك اللحظه جيدا لم تسعنى الفرحه أهذه دقات قلب أبى أهذه هى حقا ؟! وفجأة ماذا حدث ؟! .. لماذا لم اسمع دقات قلبك بعد ذلك ؟! ثم تعلم لماذا لأنها قد حانت خامس اقسى لحظات حياتى عندما سمعت صوت صدمات القلب لإنعاش قلبك الذى فارقنى .. آهٍ يا أبتى لو تعلم لا توجد كلمات تصف ذلك الشعور لأن الألم فيه تعدى البكا .. وقتها فقط تذكرت وصف الله فقد سيدنا يعقوب عليه السلام ليوسف عليه السلام عندما قال وآسفى على يوسف .. وآسفى عليك يا ابتى وانت مرتخى الأعضاء ساكن أى سكون هذا .. ارتفع الادرينالين فجأة وارتجف قلبى وارتجفت عيناى .. ما اصعب تلك اللحظات عندما ترى اباك وهو لا يراك شعرت حينها بضيق الدنيا، وكأن الدنيا أطبقت على الارض !، هل هذا حلم أم كابوس ؟! هل سيطول أم أنه ..حقيقة ؟!! ولأول مره فى حياتى يا أبتى أضع قبله على جبين ميت وما هو بأى ميت .. هو روحى وأنفاسى عشقى الأول وأمانى هو سندى فى الحياة ... ودعتك يا أبى ولكن هذه المرة انت من سافرت بلا عوده انت الآن من غادرتنى والى الابد .. لم اعد اراك ثانية .. لن تتحدث إلى ولن تضحك معى ولن تعاتبنى .. لن أسمع صوتك ولن أذهب معك ولن تمسك بيدى ثانيةً .. لقد أفلتت يدك من يدى يا أبى ودعتك يا أبى للأبد .. ودعتك وفى قلبى دعاء وأمنية وتساؤل .. دعاء أن يجمعنى بك الله فى الفردوس الأعلى .. وأمنية بأن يجمعك بى فى منامى دائما .. وتساؤل .... ومن كأبى ؟!!



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;