فى ظل ما يمر بة الاقتصاد المصرى من اضطرابات وتحديات عديدة، وفى ظل محاولة الدولة وقف نزيف الاقتصاد والعمل على إيجاد وخلق حلول لمساندة الاقتصاد والعمل على تدعيمه وإنمائه، ومن تلك الحلول ما أتت به من تبعيات والتأثير على السوق، فعندما قامت الدولة بتعويم الجنيه قد تسبب هذا القرار فى ارتفاع أسعار السلع بجميع أنواعها وأحدثت حالة تضخم بالسوق المصرى.
وفى ذات الوقت يوجد على الضفة الأخرى موارد مهدرة ومتسربة من الاقتصاد المصرى، وهو ما يطلق عليه الاقتصاد غير الرسمى والذى يتمثل فى مصانع بئر السلم ومحلات تجارية شعبية وأسواق عشوائية خارج مظلة قوانين الاقتصاد والاستثمار فى مصر، فتلك المصانع والمحلات والأسواق تمثل اقتصادا غير رسمى موازى لاقتصاد الدولة وينافسه ولا يخضع للقوانين والرقابة من قبل الدولة، ولا تستفيد منها خزينة الدولة.
فلماذا لا تلقى الدولة الضوء على هذا الاقتصاد الموازى والذى اعتبره بمثابة" السوق السوداء" فالسوق السوداء هى تسعيرة لا تخضع للقوانين والرقابة، و"الاقتصاد غير الرسمى" أيضا لا يخضع للقوانين والرقابة ولكن بالنسبة لعملية البيع نفسها وليس سعرها، فلماذا لاتستقطب الدولة هذا الاقتصاد غير الرسمى وتستفيد منه وضمه إلى اقتصاد الدولة ومواردها.
إن إيرادات وموارد الاقتصاد غير الرسمى ليست بالهينة او القليلة، بل انه يمثل ثروة كبرى وكنز لابد من الدولة إستغلاله، فانه يمثل نسبة 60% من قيمة الاقتصاد الكلى للدولة وفقا لأخر إحصائية لاتحاد الصناعات المصرية، يعنى ما يعادل 60% من الاقتصاد مفقود ومسرب من خزينة الدولة، وهناك فى ذلك الاقتصاد غير الرسمى أكثر من 120 ألف سوق عشوائى لا تخضع لقوانين التجارة والصناعة ومصلحة الضرائب، وبالتالى لا يدفعون جنيها واحدا ضريبة، ويوجد أكثر من 47 ألف مصنع ببئر سلم بدون سجل تجارى وبطاقة ضريبية هذا بالإضافة إلى آلاف الباعة الجائلين بإجمالى تعاملات سنوية تتجاوز الـ 2 تريليون جنيه وفقا لأخر إحصاء للبنك الدولى.
فلماذا لا تستغل الدولة هذه الإيرادات الضخمة، لماذا تترك الدولة هذا المكسب الذى لا يكلفها شيئا، ولم يكن له تأثير سلبى على السوق، لماذا تترك الدولة هذه الإيرادات تتسرب خارج خزينة الدولة وهو حقها الطبيعى وفقا للدستور وقوانين الصناعة والتجارة، لماذا لا تفرض الدولة الرقابة على هذا الاقتصاد الموازى والاستفادة منه وتحصيل منه ضريبة تجارية وضم المليارات التى تنبعث منه إلى خزينة الدولة. لماذا الدولة صامتة أمام هذا الاقتصاد الموازى غير الرسمى تتفرج من بعيد على آلاف المليارات وهى تذهب بعيد عن خزينة الدولة وهى فى أمس الحاجة إلى مليار واحد من تلك المليارات.
إن فرض الرقابة على الأسواق والمحلات التى لا تخضع لقوانين مصلحة الضرائب ووزارة المالية يجنى للدولة مليارات الجنيهات، وبدون تعب أو عناء وبدون أثار سلبية على السوق والاقتصاد، ولكن سوف يكون له أثر إيجابى بزيادة المتحصلات الضريبية وتنمية ورفع وتدعيم الاقتصاد من تلك المليارات الضائعة والمتسربة من خزينة الدولة.