كم من الأشياء والمواقف الجميلة فى حياتنا تجمعنا وتسعدنا، وكم من موقف واحد أسأنا التقدير فيه أو حوار تجاوز الحدود بدون أن نشعر، أو كلمة تخذلنا فنفترق بسببها لتمسكنا بعزة النفس الوهمية تجاه من نحب فنخسر الكثير بعتمة القلوب وسواد التفكير، على عكس اللين فى بعض المواقف يجعل القلوب تميل لك وتكسبها، فلا تحاول دائماً أن تكون منتصراً فى كل موقف فالاختلاف وارد وإن بدا لك الأمر أنك على حق، فبرؤيتك المستنيرة كن ممن لا يكرهون الأشخاص ولكنك ممن ينتقدون ما يقولون فأنت لست فى معركة معهم ولكن فقط لتوضيح وجهة النظر الخاصة بك.
لذلك سامح وارحم واغفر بطيبة قبلك من أساء إليك وجاء يعتذر فتذكر أننا كلنا ذوى خطأ، ولمن كان عاصياً حاول أن توضح له أنك تكره الفعل السيئ والمعصية ولا تكره صاحبه، بل أنصت وقدر من جاء إليك ليفضى بهمومه لثقته فيك، ومن جاء إلى بيتك فى حاجة فانفعه بقدر ما تستطيع ولو بالكلمة ولا ترده خائب الرجاء منكسر النفس .
لا تهدم جسور الخير والرحمة والمودة لموقف ما، بل كن صاحب رسالة محبة ومودة وسلام أينما كنت كون هذا من طباع الصالحين كون فضل الله عليك كثير من النعم واختصك بالحكمة لأن تكون للخير زراعا فحافظ على ما وهبك الله من خيره، بل حافظ على البعض فقد تحتاج إليه يوما ما، واستقبل المكاره برحابة صدر واصبر مهما كانت الرياح أقوى منك بل استقبل ما يعترضك بشجاعة وقوة فإن مع العسر يسراً، ومع كل ضيق فرجاً، فلا تغضب مهما أصابتك الملمات والابتلاءات بل قل قدر الله وما شاء فعل، كى يهدأ حالك لأن "رحمن" الدنيا والآخرة قريب منك وأعلم بحالك، فاستسلم لقدر الله ولا تسخط فبمرور الوقت ستستشعر عظمة الله فيما حدث.
كن من اللذين يجمعون الشمل بجمال ورقى أخلاقك فعامل الناس بطبعك لا بطبعهم حتى لا تكون من اللذين يفرقون الناس أشتاتاً بدون أن تشعر لاختلال ميزان العدل وتقدير الناس بداخلك فتعلى قدر من يحاول أن يفرق ويفك ترابط أخوة وصداقة من حولك كون مكانته عالية، وعلى النقيض تماما تقلل ممن هم قريبين منك كونهم فى مكانة متواضعة.
لا يلزم أن تكون الأروع والأذكى لتحقق نجاحات باهرة ولكن بروحك الجميلة تكسب الكثير من تقدير الناس، فإذا جاءك مهموم اسمع له وإذا جاءك المعتذر كونه استشعر أنه أخطأ فى حقك أصفح عنه، بل كن نوراً لمن حولك فى عتمة الحياة، وكريماً بعطاء المحبين وبقوة كلماتك الرحيمة التى لها آثر فى النفوس والأرواح فعامل الناس بقدر ما تحب أن يعاملوك ولا تضيع وقتك فى انتظار ما لا يجيء بل كن ممن يعرفون وجهتهم ويسيرون فى اتجاه أهدافهم وأحلامهم بوعى.
كن ممن يدركون كيفية إدارة الأزمات ويملكون من الصبر والتحمل والقدرة على التغلب على لحظات القنوط ويخرجون من دهاليز الظلام بنور وإيمان يطرد غيوم اليأس عن حياتك باليقين والصبر الجميل بل كن ممن يسجلون أسطورة نجاحهم بكل عزيمة وإصرار مهما كانت أعاصير اليأس فالله خير معين ، ويريد أن يخرج أجمل ما فيك، وأعبر فى أعماق ذاتك واستخرج لآلئ السعادة وعش الحياة بأحاسيس المحبة فى الله وأقطف من بساتين الحكماء رحيق تجاربهم حتى لا تكون من الخاسرين اللذين ساء ظنهم بالله وضعف توكلهم عليه، وانقطع رجاؤهم لأنهم قتلوا فى نفوسهم روح الأمل والحياة، على عكس من لا يتعجلون استجابة الدعاء ولا يتسلل لهم اليأس عندما لا تسير الأمور على هواهم فهم يؤمنون أن كل شىء بقدر يردون كل أمر يواجههم إلى الله لأن قلوبهم معلقة به ممتلئة بالأمل واليقين والإيمان، ويثقون فى وعود الله لهم وسنته التى لا تتبدل .
عيشها بروح متفاهمة بإحساس حنون مرهف بقلب صاف عطوف رحيم نقى عامر بذكر وحب الله ببسمة تعلو وجهك مؤمن فى أوقات الشدة والرخاء بأن ما عند الله خيرا من أى شىء وأجمل .