بعد أن خطت المرأة العربية خطوة شاسعة إلى الأمام فى عالم السياسة والجهاد والعلوم بعد ظهور الإسلام فى عصر النبوة والخلفاء الراشدين.. فنهضت المرأة المسلمة وأشرق نورها على العالم لعدة قرون.. حتى وصلت أنها حكمت بلاد وسيرت جيوشا وصدت غزاة وأسرت ملوكا.
ولقد وصل بنا الحال فى هذا الزمان أن يخرج علينا عدد من علماء الدين أن يفتوا بحرمة قيادة النساء للسيارات، وكأن هؤلاء العلماء لم يقرأوا التاريخ الإسلامى، وأن المرأة قادت بلاد وأتحدى إن كان يستطيع أحدهم أن يتخذ قراراً صائبا مثل ما اتخذته نساء المسلمين على مر الدول الإسلامية أو أنهم لم يقرأوا سورة النساء فى القرآن {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً{النساء1}. هذه الآية الذى قضت على عادات ومفاهيم وأفكار وسنن العرب الوحشية قبل الإسلام تجاه النساء.. فقد فجعنى الرد على إحدى الفتاوى فى هذا الشأن وكان السؤال هل يجوز قيادة المرأة للسيارة لمسافة 40 كيلو مترا؟ فكان الرد:
لا شك أن ذلك لا يجوز هذه مسافة سفر، لأن قيادتها للسيارة تؤدى إلى مفاسد كثيرة وعواقب وخيمة، منها الخلوة المحرمة بالمرأة، ومنها السفور، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر وأضاف قائلاً: وقيادة المرأة للسيارة داخل المدينة المأهولة بالسكان فإذا أدى ذلك لاختلاط لا يجوز، ووصف آخر المرأة التى تقود السيارة بأنها فاسقة.. سبحان الله من أمركم.. وعلاج
الصحابية الجليلة رفيدة الأسلمية للجرحى فى ميادين القتال، وكانت تقوم بأداء واجبها نحو المسلمين فى أتم صورة، كما كانت لها مكانة ومنزلة عند رسول الله صلى عليه وسلم، حيث كان يُجلها ويحترمها، تروى كتب السيرة أن رسول الله عندما أُصيب الصحابى الجليل سعد بن معاذ بسهم فى غزوة الخندق، أمر بإيداعه فى خيمة رفيدة حتى يتمكن من زيارته والاطمئنان على حالته.
ويقول ابن الأثير: إن رسول الله حين أصاب سعداً السهم بالخندق قال لقومه: اجعلوه فى خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب فقد كانت رفيدة تداوى الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به إصابة من المسلمين وكان رسول الله يمر به أى بسعد فيقول: كيف أمسيت؟ وكيف أصبحت؟ فيخبره.
وقد كتب التاريخ صفحة ناصعة البياض للصحابية الجليلة رفيدة وهى صفحة مليئة بالجهاد والتضحية والفداء، فقد عملت فى ميدان الجهاد ممرضة تعالج الجراح، وتخفف الآلام عن المجاهدين المصابين فى المعارك والغزوات، مضحية بروحها، محتسبة ذلك العمل لنفسها، طالبة الثواب والأجر من الله وحده عز وجل . وكانت تخرج في الغزوات، وتنقل معها خيمتها بكل متطلباتها وأدواتها واحتياجاتها فوق ظهور الجِمال، ثم تُقيمها بإزاء معسكر المسلمين، تشاركها العمل الصحابيات رضوان الله عليهن؛ لذا تعتبر خيمة رفيدة الأسلمية على الرغم من بدائيتها أول مستشفى ميدانى.
طبيبة المسلمين الأولى فى الجهاد امرأة وهؤلاء يتحدثون عن قيادة السيارة فى عصرنا هذا.
هل جاء الإسلام ليظل فى الكتب والمساجد ويمنع النساء من الخروج ويمنع الرجال من السفر لبلاد غير المسلمين تجنباً لفتنة النساء؟ لا والله فالإسلام ليس دين عزلة.
يذكرنى هؤلاء بدولة النساء فى العصر العباسى تحت خلافة المقتدر ( (295-320هـ الذى تولى الحكم صغيراً 13 عاما، وكانت تحكم السيدة شغب هى زوجة الخليفة العباسى المعتضد بالله وأم الخليفة العباسى المقتدر بالله بويع المقتدر لخلافة الدولة العباسية وكان عمره ثلاث عشرة سنة، واستمر حكمه طوال ربع قرن تحكمت خلاله السيدة شغب بمقاليد السلطة وظلت تتحكم فيها ربع قرن من الزمان هى فترة خلافة ابنها المقتدر.
ولعبت شغب دوراً كبيراً فى تدبير أمور الدولة وشئون الحكم، بما فى ذلك عزل وتعيين الوزراء وكبار المسئولين، واستعانت بالعديد من النساء لمعاونتها فى شئون الحكم منهم على سبيل المثال القهرمانة ثمل بمنصب يعادل قاضى القضاة لتنظر فى عرائض الناس، فكانت تجلس ويحضر الفقهاء والقضاة والأعيان وتبرز التواقيع وعليها خطها، إلا أن المؤامرات أحاطت بها وبالمقتدر ولقد حاول القاهر بالله الانقلاب على أخيه لينهى تحكم النساء فى الخلافة ولكن فشل وعفى عنه أخيه وقتل بعد ذلك فبويع لها القاهر بالله والدولة مليئة بالثورات فهل كانت اول قرارته أن يسير بالجيوش لفرض هيبة الدولة؟ لا
أُمر بتحريم الخمر، وقُبض على المغنيين، ونفى المخنثين وكسر آلات اللهو، وأمر ببيع المغنيات من الجوارى، وكان مع ذلك لا يصحو من السكر ولا يفتر عن سماع الغناء.
فالإسلام كان ينتظر هذا السكران ليحرم الخمر.. بدلاً أن يوحد الدولة ويستعيد مجد العباسيين وقام بتعذيب أم أخيه المقتدر السيدة الشغب وزاد القاهر بالله من القابه وسمى نفسه القاهر بالله المنتقم من أعداء دين الله، وهو قاتل سِكّير لا يفيق من السكر، فلا يختلف أحد أن حُكم أخيه المقتدر وأمه أفضل من فترة حُكمه المليئة بالدماء والثورات التى استمرت 18 شهراً فقط.
أضرب مثلاً بهذا الرجل بأن الذى لا يستطيع السير بالدول للأمام والنهضة بها يملأ عقلنا بسفاسف الأمور ويجعلها محل خِلاف، والله إن الإسلام منزه عن كل نقص وإنما النقص فى العقول التى لا تفهم الإسلام . يتبع