لم تعد الكلمات تحمل نفس المعانى، ولم تعد الأمنيات تحمل نفس النسمات، ولا العين ترى بانبهار، ولا القلب يدق خوفا من فقد الأشياء الثمينة، مرحلة من الهدوء النفسى والسلام مع الناس نحاول فيها القرب إلى الله اكثر من التقرب إلى الناس، اعتصرنا الألم من شدة فقد الأحبة، لم يعد الغضب يعتصرنا كما كان فى لماضى.
أصبحنا أكثر حكمة وأكثر التماسا للأعذار، أكثر تسامحا وتصالحا من النفس أصبحنا نبحث عن أسباب الهدوء والسكينة، بدت النظرة للأمور بطريقة أبسط وأقل ارتباطا بالأشياء او الأشخاص، ننظر للمهرولين والمتسارعين على تحقيق الأمنيات باتسامة ونظرة إشفاق، أصبحنا نعلم النهايات منذ النظرة الأولى للبدايات لأننا نمتلك مخزون من الخبرات.,
بدأنا ننظر فى سنوات العمر الماضية نبحث ونتعلم من دروسها، منا من يندم على ما فات ومنا من ينعم ويسعد بما أنجز فى حياته، ويستفيد حتى من أخطائه، مرحلة ننظر فيها لمستقبل الأبناء بنظرة مختلفة نود لو أزحنا عنهم كل الصعوبات ونعطيهم كل الخبرات، مرحلة تتبدل فيها الأمنيات تصبح الأمنية الأهم هى الوصول إلى رضى الله، عزو جل ورؤية الأبناء فى أفضل حال، يصبح العطاء هدف وغاية، وإسعاد الآخرين دون انتظار اى مقابل سعادة حقيقة لا يضاهيها شىء.
إنه سن الأربعين، ولأنه سن الحكمة فهو الذى بعث فيه سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بالرسالة القرآنية التى تحمل الإسلام والسلام، وهو السن الوحيد الذى ذكر فى القرآن قال الله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أن أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَى) الأحقاف/15
اختصاص سن الأربعين بالذكر فى هذه الآية الكريمة دليل على أنه سن اكتمال العقل والفهم، واستيفاء النضج التام، وذروة تمام نعمة الله على الإنسان فى كمال القوى التى وهبها الله إياها، سن الأربعين بداية جميلة لحياة رائعة تملؤها الحكمة والخبرة القدرة على تقييم الأشياء والأشخاص بمهارة، فى هذه السن من الممكن أن تكون بداية لمشوار جديد يتميز بالعطاء والاختيارات الصحيحة وتحقيق طموحات وأمال رائعة مليئة بالحب والخير للجميع.
الأربعين مرحلة فى العمر من أجمل وأروع المراحل، أبدا هى ليست نهاية بل هى بداية تتجدد فيها الأمنيات ولكن بشكل وطعم مختلف لمن أراد أن يستمتع بالحياة، ويعلم أن نها نعمة تستوجب الشكر دائما فى كل وقت.
لكل من بلغ الأربعين استمتع بهذه المرحلة، إنها مرحلة بدء الحصاد لما زرعت من جد واجتهاد وتربية للأبناء وتحقيق مزيد من الأمنيات الأكثر نضجا والأشمل والأوسع فى نشر قدر من السعادة لمن هم حولك
لكل مرحلة فى العمر جمالها وروعتها
أطال الله أعماركم ومتعكم بالصحة والسعادة.