إذا كان جمال عبد الناصر قد ناصب الغرب عداءً له مبرراته التاريخية، ميمماً وجهه قبل الشرق، ومن بعده سار أنور السادات فى الطريق العكسى موجهاً ناظريه صوب الغرب، رامياً نفسه فى أحضانه الناعمة، حيث كميات المياه الغازية الوفيرة وصناديق الشيكولاتة الفاخرة وموديلات العربات الفارهة.
وكأننا لابد لنا من خيار واحد واختيار دون آخر، إما ملك أو كتابة، إما يمنةً أو يسرة فى بحر العلاقات الدولية اللجى الذى يموج دوماً بتغييرات عميقة، وترى أمواجه متلاطمةً متعالية كقمم الجبال.
فلم يدر بخلدنا أن يأتى يوم نستطيع فيه اختيار الحسنيين والتوجه ناحية الاتجاهين والانفتاح على العالمين المتباعدين جغرافياً وسياسياً.
نعم هذا ما نشاهده ونراه فى جولات الرئاسة المصرية المكوكية والتى تركض ورائها الدبلوماسية المهنية المخضرمة، شرقاً وغرباً، فمصر اختارت أن تنفتح على العالم كله شرقه وغربه غير متعصبة لاتجاه، غير متشددة فى توجه، غير مضيقة على نفسها حرية الحركة وانتقاء ما يناسبها ويلبى طموحاتها.
مصر ليست تاريخا متحفيا وحضارة تراثية فى فاترينات زجاجية وفقط، بل إن تعداد سكانها وتنوع مواردها وموقعها الذى يتوسط العالم، يجعلها تفيد غيرها قبل استفادتها، فمصر شريك تجارى للإتحاد الأوروربى وعضو فى تجمع شرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا) ولها كذلك علاقات عربية وثيقة العرى مثمرة جمركياً ومفيدة تجارياً ، كل ذلك الحضور المصرى شجع تجمعاً إقتصادياً قوياً ومؤثراً كالبريكس أن يوجه دعوة للرئيس السيسى ليحضره شارحاً ماقامت به حكومته من تيسيرات وتسهيلات لجذب رؤوس الأموال الأجنبية للإستفادة من رخص التكلفة لدينا وكذلك لتسويق منتجاتهم لكل شركائنا فى أوروبا وإفريقيا والبلاد العربية، لاحظ مزايا مصر الجمركية والجغرافية والتسويقية، فكما سنستفيد، سنفيد وهو محور العلاقات الإستراتيجية والإقتصادية وفى القلب منها التجارية ، فالبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا دول تنتشر بين آسيا وأمريكا الجنوبية وآخر إفريقيا جنوباً، فكان مناسباً إن لم يكن ملحاً أن يكون لها حضور فى قلب العالم، فى بقعة عبقرية تتوسط بين البحرين الأحمر والمتوسط، مدخل للقارة السمراء الواعدة، وجنوب القارة البيضاء العجوز.
ويبدو أن بريكس ستضحى بعد انضمام أرض الكنانة بريكسى لأن بلادنا باتت تبحث عن مصالحها فى اتجاهات الأرض الأربع .