رحل عن عالمنا أستاذ وأسطورة من طراز رفيع فى الكتابة والصحافة، شاهد على التاريخ، موسوعة تتحدث وتنطق وساحر فى عالم التحليل والسياسة.
إنه السياسى المحنك الذى يعد واحداً من أصحاب الخبطات الصحفية الذى عندما يتحدث ينصت اليه الآخرون ليستمعوا إليه ويتعلموا منه فهو يحكى ما لا تعرفه عن التاريخ ويعرف اتجاهات الأحداث والقضايا ولدية القدرة على كشف وقراءة الرؤى والمعالم المستقبلية وتحليل الأوضاع الحالية وربطها بالمستقبل.
أستاذ هيكل من مواليد قرية باسوس إحدى قرى محافظة القليوبية عام 1923 عمل فى الصحافة منذ عام 1942 بقسم الحوادث فى صحيفة الإيجيبشان جازيت ثم انتقل إلى آخر ساعة التى انضمت إلى أخبار اليوم وخلال حرب فلسطين قرر السفر لتغطية الأحداث بها، نال جائزة "فاروق الأول للصحافة العربية"، عن سلسلة تحقيقات أجراها فى قرية القرين بمحافظة الشرقية بسبب انتشار وباء الكوليرا.
عُين هيكل رئيسًا لتحرير "آخر ساعة" تقديرًا لموهبته وجهده، ورفض هيكل عرضًا من جمال عبدالناصر، لرئاسة تحرير صحيفة الجمهورية، بدأت صداقة تربط بين الزعيم جمال عبد الناصر والأستاذ واستطاع أن يكون الصحفى المقرب من الرئيس تحول بعدها للمشاركة فى صناعة القرار، ثم تولى رئاسة تحرير الأهرام وبقى فيها 17 عامًا.
تم تعيينه وزيراً للإعلام وأضيفت إليه وزارة الخارجية لأسبوعين لغياب وزيرها، جمعته علاقة طيبة بالرئيس محمد أنور السادات وكان من المؤيدين له حتى حرب أكتوبر بعدها أعلن رفضه لطريقة التعامل مع انتصار حرب أكتوبر سياسيًا، وذلك بسبب إعطاء الولايات المتحدة دورًا أكبر مما تستحقه ثم أبعد عن جريدة الأهرام وسجن ضمن اعتقالات كثيرة من المعارضين فى سبتمبر 1981.
كان الأستاذ هيكل معجبًا بالرئيس مبارك وأعلن عن تأييده ودعا المواطنين لتأييده ومساعدته لينجح فى مهمته ثم بعدها فضل التفرغ للكتابة.
بسبب رفضه لسياسة التوريث دعم الاستاذ ثورتى 25 يناير و30 يونيو واتجه لإجراء حوارات سياسية مع فضائيات عربية ومصرية تناول فيها بالتحليل والمعلومات لإحداث الساعة ومختلف القضايا التى أثارت جدلاً كبيراً.
واليوم نودع الأستاذ الذى غزا بطريقته فى الصحافة العالم العربى كلّه وكان متواضعاً للحياة الصحافيّة لا تهمّه المعرفة إلاّ بوصفها أداة لخدمة الوظيفة وكان يرى أنه لا بديل عن الصحافة العصرية بأصول وقواعد مهمتها تشكيل الرأى وبناء الفكر وليس دور الصحفى الانشغال بالبحث عن الانفراد بالخبر وتحليله بل يجب أن يكون مثقفا ومسيطرا على أدواته الفكرية والمعرفية والمهنية.