عندما أهدى الله الإنسان الأديان السماوية وأكرمه –محترمًا –القدرة الذهنية لديه بالكتب السماوية
كانت تلك الكتب المقدسة ما هى إلا كلامًا واحدًا كالسيف لا تغيير فيها ولا تنقيح ولا تأويل .
وعلى إثر نهج الله –جل جلاله – كان دور رجال الدين على مر العصور هو هداية الناس لتلك الكتب المقدسة ولكلام الله الواحد الذى لا يحتمل التأويل ولا الارتجال ولا التغيير بل تثبيتهم على الثوابت وتذكيرهم بها والتأكيد على تنفيذها فى حياتهم وحيوات الآخرين.
ولكن عندما يستأثر اليوم رجل الدين مهما عظم شأنه وحظى منا بالاحترام والتبجيل ولكنه بشر ليس مقدسًا بل يكتسب احترامه وشأنه ومكانته من خدمته لكلام الله ولدور العبادة .
ولكنه بشر من الممكن أن يرتجل فى لحظات يستأثر فيها بمكبرات الصوت فى المسجد والكنيسة فى العظة أو الخطبة فتأخذه طبيعته البشرية التى يتخللها الانحياز أو الارتجال أو الاضافات إلى
أن يضيف شيئًا ما أو يأول شيئًا ما حسب خلفيته وحسب بيئته وحسب أهوائه العقلية ومن هنا قد تنبع مشاكل الخطاب الدينى الذى طالما نادت الدولة بتجديده منذ سنوات ,الخطاب الدينى بصفة عامة فى كل مسجد وجامع وزاوية وكنيسة واجتماع شباب .
ان السلاح الذى يملكه رجل الدين كونه منوطُا بهذا الحديث الدينى - خصوصًا مع شعب شرقى جياش المشاعر سريع الشحن والتشاحن –سلاحًا خطيرًا يلعب على أوتار العاطفة الدينية وأى خلل فى العزف على ذلك الوتر سواء باستثاره الأقطاب أى باستثاره الاستكانة الزائدة أو التطرف الزائد ما هو الا قنابل موقوتة فى قلب الوطن.
لذا عندما طٌرحت الفكرة لتوحيد الخطبة فى المساجد يوم الجمعة لم يكن ذلك تقليلا من شأن رجال الدين ولم يكن ذلك قوة جبرية تفرض حظر التجوال على الكلام ولم يكن شيئًا جائرًا تمارسه الدولة بل قد يكون هو أحكم شئ اليوم حقنًا لكل السموم الفكرية أو حتى على الأقل حقنًا لأى تأويل أو انحراف غير مقصود عن الدرب الصحيح من قبل رجل الدين . فكما قلت الانسان بطبيعته البشرية حينما يستأثر بالحديث بمفرده قد تسوقه الأنا ويحالفه الانحياز ولكن ماذا لو بالفعل تم توحيد عظة الأحد وخطبة الجمعة على مستوى كل المساجد والكنائس فى مصر؟ وبحيث يتم وضعها من قبل من أكثر من رجل دين وسطى دارس فقيه حقيقى متخصص فى كيفية التواصل مع الناس ..فليس لكل رجال الدين تلك الملكة ..ملكة ايصال الفكر الصحيح واليات التحدث إلى عقل المواطن أو المصلى لا عاطفته ومخاطبة أحسن ما فى طبيعته البشرية .
لا يعنى ذلك دحرًا للحريات على الاطلاق، فالحريات متاحة فى الاجتماعات والمناقشات والمناظرات ولكن عندما يكون خطاب جماعى بلا نقاش مسموح فلما لا نسير على درب الله –جل جلاله-الذى كلم الشعوب بلغات موحدة وبكتب موحدة ؟