هل تعرف متى نشعر بالندم ؟! هذا السؤال قطعًا، كل إنسان يسأله لنفسه أو لغيره، والغريب أن الكثيرين تكون إجابتهم: "أنا لا أشعر أبدًا بالندم ؛ لأننى أدرس كل شيء وكل خُطوة قبل أن أخطوها"، والبعض أيضًا سوف يستنكر شعور الندم، ويُعلل ذلك بأن كل شيء نصيب، وأنها خُطوات كانت مُقدرة عند المولى عز وجل، ولكن صدقونى، هم كاذبون، فالندم شعور إنسانى يُخاطب كل إنسان، ولا يُوجد من يستطيع أن يهرب من هذا الشعور، مهما بلغت فطنته أو قُدراته، فلا أُبالغ لو قُلتُ أن هذه الأرض بكل من عليها، قطعًا ذاق طعم هذا الشعور ولو للحظات.
ولكن السؤال لابد أن يُصاغ بالطريقة الصحيحة، وهى : " لماذا نشعر بالندم ؟" والإجابة أننا ببساطة شديدة نستهتر كثيرًا بتحذيرات الحياة، ونصائح المقربين، وإنذارات القدر ؛ ظنًا منا أننا دائمًا على صواب، وأننا أكثر حِنكة من غيرنا، ويأتى الندم عندما نخسر ما كنا نبتغيه ؛ بسبب رُعونتنا أو غُرورنا أو أى سبب من الأسباب.
فقد كان يُوجد فى أحد موانئ بحر البلطيق مكان خطير، معروف بتياراته القوية الغادرة، فوضع المراقبون لافتة كبيرة، تُحذر من السباحة فى ذلك المكان، لكن فتاتين كانتا سباحتين ماهرتين، سخرتا من هذا التحذير، ونزلتا فى البحر للسباحة، فى نفس المكان الخطير، وسُرعان ما وجدت إحداهما نفسها تغرق، فصرخت طالبة النجدة، فاتجهت إليها زميلتها وأمسكت بها، لكن التيار جرفهما، وسحبهما إلى العمق، ولما كانت المنطقة ممنوع فيها السباحة، فلم يكن هناك من يُنقذهما.
فهل هناك شك فى أن هاتين الفتاتين شعرتا بالندم لحظة الغرق؟! فالندم قد يكون لحظة، ولكنها لحظة بالعمر كله، ففيها تسترجع حياتك ومشوارك، ولحظاتك الجميلة والمؤلمة، وتتذكر أيضًا التحذيرات والإنذارات والنصائح، وتندم على أنك تجاهلت واستهترت بكل هذا فى لحظة رُعونة، أو رُبما غُرور، وحينها تعيش لحظة الندم، وكأنها بالعمر كله.