محمد محمود حبيب يكتب : خدعوك فقالوا.. التهنئة بالعام الميلادى الجديد حرام

فى هذه الأيام يحتفل محبو الحياة حول العالم بالعام الميلادى الجديد، وعلى النقيض الآخر نجد الهاربين من السعادة أصحاب الكتالوج الدينى المتشدد يبرزون فتاوى محفوظة تُحرّم الاحتفال به بدعوى أنه ليس عيدنا، والحقيقة كما سنوضح أنه لا دليل مطلقًا على تحريم الاحتفال أو التهنئة به، فأى تحريم فى الاعتقاد بمولد السيد المسيح، هل أنه لم يولد مثلًا ؟، فالاحتفال بأى مناسبة لا يوجد فيها ما يخالف عقيدة المسلمين لا حرمانية فيها كرأس السنة أو شم النسيم أو عيد الأم، أما عيد القيامة والمتعلقة بصلب السيد المسيح ففيها تفصيل أوضحه العلماء الربانيين من حيث النية والاقتناع بهذه المناسبة، حتى أن شم النسيم عيد مصرى قديم من أيام الفراعنة ولا علاقة له بعيد القيامة إلا مجيئه بعده فى اليوم التالى، ويمكن الرد على الأدلة الجاهزة والمحفوظة عند معتنقى الكتالوج المتشدد فيما يلى : 1ـ قالوا ليس فى الإسلام أعيادا غير الفطر والأضحى . فنقول: لا دليل على حصر الأعياد بالأضحى والفطر، فهناك أدلة كثيرة توضح أن يوم الجمعة عيد !، وأقوى دليل فى تحريم هذه المناسبات عند القائلين بتحريمها هو ما جاء عَنْ أَنَسٍ (رضى الله عنه) قَالَ : قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: "إن اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ " والحديث فيه مخالفة تاريخية واضحة، فقد ثبت تاريخيًا أنه عند قدوم النبى (صلى الله عليه وسلم) المدينة فى أول السنة الأولى من الهجرة لم تكن شُرّعت بَعدُ الأعياد !!! فحتى لم تُشرّع بعدها بشهور فى نفس السنة، بل فى أواخر السنة التى تليها فى الشهر التاسع (رمضان) وبعدها بسنوات فى الشهر الثانى عشر (ذى الحجة)!! وهذا مما لا خلاف فيه، والحديث تفرد به حميد الطويل عن أنس وهو مدلس فقد أورد ابن حجر فى ترجمته فى تهذيب التهذيب (3/38) إجماع 13 عالمًا على تدليسه عن أنس، والحديث لم يخرجه أصحاب الصحاح كالبخارى ومسلم برغم أهميته لعدم وجود ما يقوى تفرد حميد به 2 . قالوا بأن شهود أعياد المسيحيين محرم بنص القرآن من قوله عز وجل (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) [سورة الفرقان 72]، ويستند المُحرّمون على ما ورد عن غير واحد من السلف بأن عدم شهادة الزور تعنى عدم التهنئة بأعياد غير المسلمين. ونقول : قد ورد فى شهود وحضور الزور عدة أقوال وتفاسير مختلفة من التابعين مثل تفسيرها بالكذب واللهو بل والغناء، فهى اجتهادات وليست حجة، خصوصاً عند الاختلاف وتعدد تفاسير الآية، ولم يأت فيها تفسير للنبى (صلى الله عليه وسلم) ولا عن الصحابة إلا عن ابن عباس بقوله هى: أعياد المشركين. وهذا الأثر لم يصح عن ابن عباس، وإسناده ضعيف لا يصح، ففيه على بن عاصم، وجمهور المحققين على ضعفه كما قال ابن حجر فى ترجمته فى تهذيب التهذيب ( 7/345) 3ـ قالوا تَحرُم التهنئة بأعيادهم لقول النبى "صلى الله عليه وسلم" (وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) . ونقول : هو حديث ضعيف لم يخرجه البخارى ولا مسلم، وكل طرقه ضعيفة، بل ضعّفه جمع من العلماء منهم الإمام أحمد بن حنبل، وكذلك ضعّفه الإمامان دُحيم، وأبو حاتم فضلاً عن أنه لابد من وجود نية مصاحبة بقصد التشبه، ولا يكون هناك ضرورة كالمجاملة أو تأليف القلوب! . 4ـ قالوا أن هناك علماء كُثر أفتوا بتحريم ذلك. فنقول : لا يمكن التغافل عن أن بعض فتاوى الأئمة، قد تأثرت بالظروف السياسية والاجتماعية التى تعيشها البلاد فى عصرهم، فكما حدث من عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - من إيقاف سهم المؤلفة قلوبهم لتغيّر حال المسلمين من ضعف إلى قوة، فقد تعصّب ابن تيمية وابن القيم فى مسألة الموقف من غير المسلمين، ومرجع ذلك ظروف زمانهما فى انتصار التتار الذى أدى إلى مزيد من الخوف عند التشبه بهم . 5ـ قالوا أن معاملة سيدنا عمر مع النصارى توحى بالتحريم، والمنقولة عنه باسم الشروط العمرية. نقول : مرويات الشروط العمرية فيها اختلاف كبير لا تصل به إلى حدِّ القطع الصحيح بالنقل، بل فيها ما يخالف ما ثبت عن سيدنا عمر من طرق صحيحة مفادها احترام المسيحيين . 6 . قالوا جميع مرويات التلطف مع غير المسلمين منسوخة، لأنها كانت أول الإسلام . فنقول : قد صحَّ عن النبى (صلى الله عليه وسلم ) أنه أنزل وفد نصارى نجران فى مسجده، وحانت صلاتهم فصلوا فيه، وذلك عام الوفود بعد نزول قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) (التوبة: من الآية 28). وكذلك فقد تعامل النبى (صلى الله عليه وسلم ) بالحسنى والرفق مع غير المسلمين حتى آخر يوم فى حياته ويكفى القول الثابت فى الصحيح بأنه توفى ودرعه مرهونة عن يهودى!!! 7ـ قالوا أن النبى (صلى الله عليه وسلم ) لم يبح دخول الكنائس للتهنئة. فنقول: النبى- صلى الله عليه وسلم- لم يوضح ضوابط دخول الكنيسة والجائز والممنوع، فقد دخل بعض الصحابة فى عهده للكنائس ومنهم زوجاته عندما ذكرن ما شهدنه من صور !!!! وكما يقول العلماء تأخير البيان عن وقته غير جائز. 8 ـ قالوا قياساً على عدم الموالاة يقتضى الأمر تحريم التهنئة. فنقول: تهنئة غير المسلمين بأعيادهم ليس أكثر خطورة وضرراً من منح غير المسلمين سهمًا من الزكاة لتأليف القلوب، بل لم نلحظ أو نشاهد أحداً من المسلمين ترك دينه لمجرد كثرة تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، فلو هناك خطر محقق لكان من الأرجى تحريم الزواج من النساء المسيحيات!!! 9 . قالوا سدًا للذرائع نُحرّم ذلك . فنقول : كما أن قاعدة سد الذرائع أمر مختلف فيه، وأن التزيُّد فى استخدامه قد يمنع أمورًا كثيرة هى فى أصلها مباحة أو جائزة . حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها وعلماءها .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;