هاتفته كالعادة لأسأله عن أحواله، والأعمال الفنية المقرر أن يخوض من خلالها السباق الرمضانى المقبل، خاصة أنه من الفنانين الذين أعتبرهم كـ"الملح" على الطعام، فى دراما رمضان من كل عام، ولكنى صدمت برده، حيث قال لى بصوت خافت: "أنا اعتزلت التمثيل نهائيا يا أستاذ عمرو، لأنى أصيبت بمرض الشلل الرعاش، الذى من الممكن أن يعوق تركيزى فى كثير من أدوارى، بسبب اهتزاز ذراعى أثناء الحديث".
أعلن يوسف فوزى اعتزاله رغم ثقته الكبيرة فى موهبته المتفردة، وإدراكه الكامل بأنه ما زال قادرا على العطاء الفنى، والوقوف أمام الكاميرات لتقمص الشخصيات المختلفة، فهو أحد الفنانين الذين ظهروا فى الفترة الذهبية، والتى شهدت انتعاشة أحمد زكى وتوهجه، حيث شاركه بطولة فيلم "النمر الأسود"، ووقتها توقع له الفتى الأسمر أحمد زكى، بأن يكون رشدى أباظة جيله، نظرا لتمتعه بالوسامة، وفى نفس الوقت يتقن الأداء التلقائى فى التمثيل دون مبالغة فى الأداء.
يوسف فوزى قدم العشرات من الأعمال التليفزيونية المهمة أمثال "أوبرا عايدة" و"فارس بلا جواد" و"الشهد المر" و"الأصدقاء" و"قاسم أمين" و"القرموطى فى مهمة رسمية"، مرورا بـ"قلب ميت" و"الخطيئة"، وغيرها من الأعمال الدرامية التى لعب فيها جميع الأدوار منها الكوميدى والتراجيدى والشر، ناهيك عن العشرات من الأعمال السينمائية المتنوعة أمثال "عصر القوة" و"الموظفون فى الأرض" و"المدبح" و"فتوة الناس الغلابة" و"حنفى الأبهة"، وغيرها، وكان ينتظر لمسة وفاء من الذين وقف بجانبهم فى أعمالهم، سواء من المنتجين أو المخرجين، ويذهبوا ويقبلونه على "ظروفه"، خصوصا أنه يمكن أن يتم تجنب ذلك أثناء تصوير العديد من المشاهد، أو يمكن توظيفه دراميا فى أكثر من عمل، لدرجة أنه أعلن عن ذلك بنفسه، حيث قال نصا "من يتقبلنى على هذا ويرشحنى معه سأقبل ولن أتردد"، ولكنه فوجئ بهجر غريب من أصحاب الشعارات الكاذبة، الذين لا يتذكرون الكلمات الطيبة للفنان الحقيقى سوى بعد رحيله، ثم يسارعون بنشر صورته على فيس بوك، ويكتبون عنه "كلمتين حلوين"، حتى يتحدث رواد فيس بوك عن أصالته هو، ووفائه لتذكر الرجل بكلمات طيبة حتى بعد رحيله.
الفنان المحترم يوسف فوزى، الذى نشأ لأب مصرى وأم بريطانية، من يقترب منه يدرك أنه يتمتع بالهدوء الشديد الممزوج بالخجل، والرقى والصراحة الشديدة فى تعامله مع كل من حوله، هذا الرجل خشى على كرامته من تجار الفن، والمنتجين الذين أصبحوا يتعاملون الآن مثل تجار الجملة، وفضل أن يعتزل بدلا من يسمع كلمة تزعجه من منتج لايبحث سوى عن المكسب فقط.