داخل قاعة سينما بها 234 كرسيًا، جلس 10 أفراد فقط يتابعون فيلم منة شلبى الجديد «نوارة».. 3 فتيات بصحبة 3 شباب، ورجلان وامرأة عجوز وأنا، وقبل منتصف الفيلم بدقائق غادر القاعة شاب وفتاة، لم يعودا حتى نهاية الفيلم، وبقى 8 فى القاعة لم تخرج منهم ضحكة أو كلمة.
بدأ الفيلم وذيلت الشاشة عبارة «ربيع 2011» ليعرف المشاهد أن الأحداث تدور فى وقت ما يسمى بثورة 25 يناير، وبدأت أحداثه باستعراض ما يطلق عليها مجازًا «حياة»، تلك التى يعيشها المهمشون فى قاع الحوارى «حارة صغيرة لا تدخلها مياه الشرب، شوارعها متداخلة وعرض الشارع لا يتجاوز مترًا، جدرانها ذابت من الزمن، وتبدو متهالكة وآيلة للسقوط، حمام واحد تدخله 15 أسرة، فتيات ونساء ورجال وشباب وأطفال وشيوخ».. هذه الحارة تقطن بها «نوارة» منة شلبى، وجدتها رجاء حسين التى تعيش معها فى غرفة واحدة بها «دولاب وسرير ووابور غاز وقفص به كتاكيت صغيرة»، وفى الحارة خطيبها، يجسده أمير صلاح الدين، ومجموعة من أهل الحارة الغلابة.. على الجانب الآخر تتعمد المخرجة هالة خليل إظهار التفاوت الطبقى بمشاهد «نوارة» فى فيلا شيرين رضا ومحمود حميدة، والتى تعمل بها كخادمة، وترى كل عوامل الإبهار، الأكل الذى يتناوله «بوتش» كلب ابنتهما، تجسدها رحمة حسن، لا يأكله أحد من قاطنى الحارة ولا يراه حتى فى المنام.. الفيلم يستعرض حياة «نوارة» الفتاة الطيبة الراضية بواقعها وحياتها وبهدلتها فى وسائل المواصلات، تعمل خادمة ولم تنزل ميدان التحرير، بل تطلب من المتظاهرين أن يفتحوا الشوارع حتى تستطيع الذهاب لعملها، تسمع النشرات وهى فى الأتوبيسات والميكروباصات، وتفرح عندما ترى وعود الحكومة بتشكيل لجنة لإعادة الأموال المنهوبة، خصوصًا أنها ستمنح كل مواطن 200 ألف جنيه.
منة شلبى برعت فى تجسيد «نوارة» بكل تفاصيلها «ضحكتها، نظراتها المملؤة بالرضا واليقين، مشيتها، كلامها، طريقة النطق بأداء بنت البلد الجدعة».. حافظت على مفردات الشخصية فى كل نظرة ومشهد، وكذلك فى أغلب أعمالها، فهى فنانة موهوبة والموهبة لا تباع ولا تشترى، لكنّ هناك شيئًا ما ينقص منة شلبى، بعيدًا عن الموهبة والحضور، فهى تمتلكهما.. هذا الشىء يحول بينها وبين نجومية شباك التذاكر، هى لا تستطيع تحقيق إيرادات، لكنها تحصد جوائز «أفضل ممثلة عن نوارة فى مهرجانى دبى وتطوان».. منة فنانة لها لمعة وبريق خاص على الشاشة.. موهوبة بحق.. لكن للأسف كما يقال «الحلو مايكملش».