أن تبث جرعة أمل فى وقت زادت فيه معدلات الكآبة ووصلت إلى أرقام قياسية، بكل تأكيد يعد نجاحًا كبيرًا، وهو ما برع فيه المخرج شريف بندارى من خلال فيلمه القصير حار جاف صيفًا الذى عرض فى ليلة افتتاح مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة فى دورته الـ١٨.
الفيلم القصير الذى لم يتخط حاجز الـ٣٠ دقيقة استطاع بندارى أن يبث الأمل والتفاؤل فى نفوس المشاهدين وذلك رغم قسوة الحياة والمرض التى رصدها بندارى فى العمل، وربما هذا هو سر عبقرية الفيلم أن يخرج من رحم الألم والمرض الشعور بالأمل والتفاؤل والإقبال على الحياة ومقاومة المرض.
رصد البندارى فى فيلمه حياة رجل عجوز ينهش جسده السرطان يجسد دوره الفنان محمد فريد، لديه ابن وحيد لا يجد فى وقته إلا القليل ليعتنى بوالده، حيث تبدأ الأحداث بالفنان القدير محمد فريد وهو يقف فى شرفته "ينشر" ملابسه الداخلية معتمدًا على نفسه غير منتظر مساعدة من أحد، يظهر نجل "فريد" بالفيلم غير مكترث بوقوف والده الذى يعانى المرض، وإنما يفرق معه فقط أن هواء الشرفة أطاح بأوراقه من على سفرة الطعام لتستقر الأوراق على الأرض.
إلى هنا ينهى بندارى دور الابن إلا فقط من مجموعة وصايا يقدمها ولده بصوته فقط منها أن يأخذ كيس صورة الأشعة لتقديمه للطبيب الأجنبى الذى ربما يساعد والده فى مقاومة السرطان والانتصار عليه، وأيضًا زجاجة الماء المثلج الذى أعدها له خصيصًا علمًا منه أن والده سيعيش يومًا مجهدًا خاصة أن اليوم حار وجاف، لينزل فريد من منزله ويجد قطعة ملابسة الداخلية التى سقطعت منه فيضعها فى كيس صورة الأشعة.
يأخذنا بندارى إلى رحلة محمد فريد من منزله قاصدًا عايدة الطبيب ليبدأ يومه الحار والجاف ويقابل ناهد السباعى الفتاة التى تزف على عريسها الذى أصر أن يسافر لإحضار أسرته لحضور زفافه وتأخر فى المواصلات فتركب هى نفس التاكسى الذى يستقله فريد ويبدأ رحلته مع تلك الفتاة التى تأخذ كيس صورة الأشعة بالخطأ ويقوم فريد بالبحث عنها وبدلاً من أن تعاونه كرجل مريض يحتاج للمساعدة، يقوم هو بمساعدتها وحل مشكلاتها مرة يهاتف عريسها ويخبره أنه والد صديقتها وسيقوم بتوصيلها إلى المصوراتى ومرة أخرى يحقق حلمها فى أن تصور وهى ترتدى فستان الزفاف ويقف هو إلى جوارها ليستطيع المصور وضع صورة عريسها بدلاً منه مستخدمًا الفوتوشوب بعد أن حال الزحام وصول عريسها القادم من الأرياف ليلحق بموعد استوديو تصوير العرائس، لينتهى فى النهاية المطاف بالفنان محمد فريد بدخوله للطبيب الذى يخبر زميله الطبيب الآخر بالإنجليزية أنه متعجب جدًا من أن الرجل لا يزال على قيد الحياة.
فى اللحظات التى يتحدث فيها الطبيب إلى زميله لم يكترث فريد بما يقوله ليحاول فهمه هو كان مشغولاً بأمور أخرى حيث اكتشف فريد سقوط ملبسه الداخلى من الكيس الذى حوى صورة الأشعة الخاصة به على أرض العيادة فيحاول فريد أن يلتقط تلك القطعة بقدميه دون افتضاح أمره ربما لخجله منها لأنها قطعة ملابس داخلية وربما أيضًا لأنه لا يريد أن يخسرها فلديه أمل فى الاستفادة منها وارتداؤها ما تبقى من عمره.
أمل فريد فى شفائه وتوكله على الله ومساعده لمن حوله رغم مرضه ربما هى الروشتة التى أراد أن يكتبها شريف البندارى لجمهور الفيلم خاصة بعد أن رصدت كاميراته محمد فريد وهو سليم معافى يأكل الآيس كريم فى شرفته ويعلق صورته الفشنك مع ناهد السباعى وهى عروسة على جدار منزله ويرصدها هى الأخرى وهى حامل وتعتنى بمولودها الأول، وكأن بندارى أراد من ذلك الفيلم القصير أن يعطينا درسًا طويل فى الأمل والتوكل على الله مؤكدًا معنى أن فى الأمل حياة وهو ما استطاع إيصاله بلغة سينمائية بليغة وبشكل مكثف دون فذلكة، مستخرجًا كل عناصر العمل من مكياج وملابس وأداة لتخدم فيلمه.