لا أعرف من أين أتى جمهور استوديو برنامج «آدم شو» بكل تلك الضحكات، أثناء سخرية أحمد آدم مما يحدث فى مدينة حلب السورية الجريحة المنكوبة؟ ولا أعرف هل ثمن وجبة طعام إضافة لمبلغ مالى نظير القيام بدور الكومبارس فى البرامج، كافٍ لدهس الضمير الإنسانى والضحك والسخرية بكل أريحية من مأساة إنسانية بكل المقاييس دون الشعور بمرارة تلك المهانة ولو للحظة؟ إلى هذا الحد وصل الحال بشباب فى عزهم يضربون عرض الحائط بالمشاعر الإنسانية، متجردين تماماً من كل الأحاسيس التى تفرق بين الإنسان والجماد.
كيف لفنان مثل أحمد آدم أن يرتضى لنفسه أن يغزل من جراح وعويل أمهات وأطفال وشيوخ مادة للسخرية بهذه الطريقة؟ ألم ينظر لعيون الأطفال اليتامى والمشردين؟ ألم يلتفت إلى دموع الأرامل والجوعى والمرضى والجرحى؟ ألم يمتلك هاتفا محمولا أو جهاز كمبيوتر يستطيع من خلاله أن يتأكد من الوضع فى حلب، حتى فى ظل انتشار بعض الصور القديمة أو الملفقة للضحايا؟ ألم يلفت نظره السوريون الفارون من الحرب والدمار إلى مصر وغيرها باحثين عن لقمة عيش بشرف؟ هل يعرف أحمد آدم معنى الشرف؟ بكل تأكيد لا أقصد إلا الشرف الإعلامى والانتصار للمهنة والكلمة، شرف الانتصار للإنسانية والكرامة والحرية.
لكل إنسان من اسمه نصيب، وكنت أتمنى أن يحظى أحمد آدم بقدر أوفر من اسمه، وأن يتمتع بمزيد من الآدمية والإنسانية، مثلما كنت أتمنى أن يحظى اسم برنامجه أيضا بنصيب من اسم البرنامجا فما نراه لا يمت بصلة لا لبنى آدم ولا لأى «شو».
آدم الذى فشل فى أن يحافظ على مكانته كممثل كوميدى، وفضل نحت نفسه وعدم تطوير أدواته إلى أن تحول فنه إلى «مسخ» باهت لا معنى له ولا طعم، يجب عليه أن يعيد حساباته من جديد، خاصة بعد تلك الحلقة التى سخر فيها من ضحايا حلب، ولم يشعر أحد بقدر الفجاجة التى تناولها فى البرنامج سوى بعد عرض الحلقة بأيام، وهو الدليل الأكيد على فشل ذلك البرنامج، فلو كان له مشاهدون ومريدون ومتابعون لشعر الجمهور بحماقة ما أقدم على فعله آدم فور عرض الحلقة، وبأمانة شديدة «لو كان لى قلبان لأهديته واحداً» فمن يعرف ربما يشعر بما نشعر به من حزن وآسى على أيدينا المكتوفة، التى لا تستطيع تقديم مساعدة لهؤلاء المنكوبين.