على مدى سنوات شهدت دراما التلفزيون تقديم أكثر من عمل فني عرضت قصته بإستفاضه عبر جزأين وأكثر بنفس الوجوه التي تابعها الجمهور بشغف حينما جسدوا شخصيات القصة بحرفية بالغة خلال أحداث الجزء الأول من العمل، وبالنظر لتلك الأعمال سنجد أن معظمها نجح في فترة التسعينات، نجاحا كبيرا، فمن منا لم يشاهد مسلسل "المال والبنون"، بجزأيه عن كسب ليحقق المسلسل نسب مشاهده كبيرة بجزأيه الأول الذي عرض سنة 1993، بطولة النجوم أحمد عبد العزيز، ويوسف شعبان، وعبد الله غيث، والذي حالت وفاته عن مشاركته في الجزء الثاني من "المال والبنون"، والذي عرض سنة 1995، لينضم النجم حسين فهمي إلى فريق عمل الجزء الثاني، في دور "جلال عنايت".
لم يتوقف نجاح مسلسلات الأجزاء عند هذا العمل السابق ذكره، فحقق مسلسل "الشهد والدموع"، نفس النجاح من خلال جزأيه الأول والثاني، كما حقق مسلسل "ليالي الحلمية"، والذي يعتبر واحد من العلامات في تاريخ دراما التلفزيون، نجاحا ساحقا لأجزائه الخمسة التي تم عرض الجزء الأول منها سنة 1987، فيما عرض الجزء الخامس سنة 1995، ليعرض الجزء السادس والأخير، والذي لم يحالفه القدر بالنجاح كسابقيه، لأسباب سنأتي لذكرها فيما يلي، سنة 2016 خلال رمضان الماضي، وبعد ما يقرب من الـ 20 عاما.
عودة مسلسلات الأجزاء من جديد
ويعرض حاليا على شاشة إحدى القنوات الفضائية، الجزء الرابع من مسلسل "سلسال الدم"، بطولة النجمة عبلة كامل، والذي تم عرض الجزء الأول منه سنة 2013، فضلا عن مسلسل "ساحرة الجنوب"، للنجمة حورية فرغلي، والذي عرضت أحداثه على مدار جزأين، فيما عرض رمضان الماضي الجزء السادس والأخير من مسلسل "ليالي الحلمية"، بعد أكثر من 20 عاما من أخر جزء، والذي شهد تواجد عددا من النجوم الجديدة أبرزهم كارمن سليمان، وحمدي المرغني، وأخرون.
ليتأهب نجوم الجزء الثاني من مسلسل "أفراح إبليس"، بطولة النجم جمال سليمان، والذي تغيب عن أحداثه النجمة عبلة كامل وريهام عبد الغفور، لتصوير مشاهدهم بأحداث المسلسل، لعرضه خلال السباق الرمضاني المقبل، بعد أن تم عرض الجزء الأول منه سنة 2009، ليعاد لأذهاننا من جديد فكرة المسلسلات ذات القصة المطولة، والتي يتم عرض أحداثها عبر عدد من الأجزاء، ليجعلنا ذلك نتساءل عن مدى نجاح هذه النوعية من الأعمال الدرامية، فبالقياس على ما عرض منها خلال فترة الثمانينات والتسعينات، فسنجد إختلافا كبيرا في درجة النجاح، لأسباب كثيرة تتعلق بأحداث القصة، والحبكة الدرامية، والشخصيات، والزمن الذي يعرض به العمل الدرامي.
مسلسلات الأجزاء في طريقها للاختفاء
بالنظر للأعمال الدرامية التي عرضت في فترتي الثمانينات والتسعينيات، ولقت نجاحا أهلها لعمل أكثر من جزء لها مثل مسلسل "المال والبنون"، و"ليالي الحلمية"، و"الشهد والدموع"، فإننا أيضا سنجد أن هناك عددا من المسلسلات التي عرضت خلال السنوات القليلة الماضية، لكنها لم تحقق النجاح المطلوب منها مثل "حرمت يا بابا"، و"هانم بنت باشا"، و"راجل وست ستات"، والذي لم يحقق جزأيه الأخيرين النجاح الذي حققته الأجزاء الأربعة الأولى منه.
ووفقا للناقدة ماجدة موريس، فإن مسلسلات الاجزاء في طريقها للإختفاء من الساحة الدرامية، فلم يعد هذا زمانها، فالمشاهد خلال فترة التسعينات، لم يكن أمامه كل هذا الإنفتاح من خلال هذا الكم من الفضائيات التي تعرض بشكل مستمر أعمال فنية قد تكون جاذبة له بشكل أكبر، لذلك نجد أن المشاهد كان أكثر هدوءا، وكان أمامه ندرة في نوعية الأعمال الدرامية وعددها القليل مقارنة بالآن، أما المشاهد الآن فأصبح سريعا ليس لديه صبرا لمتابعة عمل تعرض أحداثه عبر أكثر من جزء، إلا إذا كانت قصة العمل جاذبة جدا لدرجة أن تجعل المشاهد ينتظرها بشغف.
الفشل، المتاجرة بالاسم، تفكك المحتوى
ولاشك أننا ونحن بصدد الحديث عن مسلسلات الأجزاء فلا يمكننا أن نغفل الفشل الذي لاحق بعضها خلال الآونة الأخيرة، ففشل الجزء السادس من مسلسل "ليالي الحلمية"، صاحب النجاح الساحق في فترة التسعينات، يجعلنا نتسائل عن الأسباب، التي أرجعتها الناقدة ماجدة موريس إلى عدم مقدرة الوجوه الجديدة على أداء أدوار أكبر من حجمهم، والمبالغة في الأداء فكان بعضهم يعتقد أنه خفيف الظل فأخفض في إعطاء قدر ولو بسيط من السلاسة في التمثيل، أضافت: "كنت أظن أن الجزء السادس من رائعة "ليالي الحلمية"، سيتم بشكل لائق أكثر من ذلك، أما ما وجدته هو مسلسل أخر غير "ليالي الحلمية" الذي عرفته ورأيته، وتابعته عبر أكثر من 5 أجزاء بشغف كبير".
وعن تصوير الجزء الثاني من مسلسل "أفراح إبليس" لعرضه خلال الماراثون الرمضاني القادم، سخرت ماجدة خير الله من محاولة القفز على نجاح الجزء الأول، بعرض مسلسل يحمل نفس الإسم، بمخرج ومؤلف جدد بعد رحيل المخرج سامي محمد علي، والمؤلف محمد صفاء عامر، فمن وجهة نظرها، فإن الأحق بعمل جزء تاني من المسلسل هو مؤلف القصة الأصلي، أما أن يأتي فريق العمل بمؤلف جديد، لكتابة جزء ثاني لنفس القصة فهذا شئ غريب، بالإضافة لإختلاف الممثلين الجدد بإستثناء الفنان جمال سليمان، لتتساءل لماذا لم يكتب عمل جديد من البداية، دون إستثمار نجاح إسم "أفراح إبليس"، ونجاح إسم جمال سليمان في مصر بعد مشاركته في مسلسل "أفراح القبة"، رمضان الماضي.
إرتباط الأجزاء ببعضها يعتبر جزءا من أزمة الفشل، كشفت خير الله عن ذلك، فرأت أن هناك ضرورة كبيرة بالنسبة للمشاهد أن يرتبط بأحداث المسلسل كاملة من بداية الجزء الأول، حتى تتاح له فرصة فهم أحداث الجزء الثاني، ومن ثم يستطيع إستيعاب أحداث الجزء الثالث والرابع إن وجد، فكل جزء يبنى على ما سبقه، ما جعل عدم إنتظام المتابعة للأجزاء بشكل مستمر، يفقد المشاهد شغفه بالمسلسل، وهو ما يجعل هناك مسؤلية تقع على عاتق المنتج والمؤلف والمخرج بنسج خيوط مترابطة للقصة وأحداث مثيرة تحتفظ بإنتباه المشاهد للعمل طوال الوقت، مؤكدة أن ذلك كان متاح في مرحلة إزدهار الدراما التلفزيونية خلال فترتي الثمانينات والتسعينات.