فى استجابة من منتجى السينما لرغبات الجمهور الذى اكتفى من أفلام البلطجة والرقص والأغانى الرديئة وضاق ذرعًا من أفلام بير السلم التى تملأ دور العرض، وأصبح يطالب باستمرار بتقديم أعمال فنية راقية تعيد إليه زمن الفن الجميل، وبعد أن أنكرت الدولة وعودها البراقة ورفعت يدها عن صناعة السينما حتى كادت أن تتوقف، كان يجب على أهلها وتحديدًا من يحبون الصناعة بصدق أن يفكروا فى بديل آخر، لذلك أطلق المنتج "محمد العدل" مبادرة مشروع الـ"10 أفلام" وهى مجموعة من الأفلام متوسطة الميزانية وتحمل رسالة واضحة وقيم فنية رفيعة وتناقش قضايا جادة تحترم عقلية المشاهد.
وأعلن "العدل" عن تنفيذه مشروع 10 أفلام سينمائية يستعين فيها بوجوه جديدة تحترم عقل الجمهور وتعبر عن همومه ومشكلاته بأفكار مبتكرة، حيث أوضح المنتج أنه تم اختيار 10 أفلام بالتحديد حتى تكون هناك فرصة أوسع لنجاحهم وانتشارهم، وتشارك إلى جانبه فى هذا المشروع المخرجة "هالة خليل" التى عبرت عن حماسها للمشروع الذى يقدم سينما مختلفة وسينمائيين جدد إلى الساحة، موضحة أنه فى الوقت الذى تهرب فيه المنتجون الكبار من العمل أقبل شباب السينمائيين على الإنتاج بأنفسهم وتبرعوا بمصروف جيبهم حتى يظل الفيلم المصرى متواجدًا، كذلك تحضر شركات إنتاج أخرى لمشاريع مشابهة.
ويبقى أمام هذه المشروعات تحديًا حقيقيًا وهو شباك التذاكر، فهل تستطيع هذه الأفلام الجمع بين الحسنين وتقديم سينما جادة بميزانية متوسطة تجذب الجمهور لمشاهدتها فى السينما؟.. هذا السؤال أجاب عليه الناقد الفنى كمال رمزى الذى أكد لـ"انفراد" أنه يراهن على هذه المشاريع فى النهوض بصناعة السينما، مؤكدًا أن فرصة هذه الأفلام فى النجاح كبيرة جدًا، لكنه أكد أيضًا أنه لا يستطيع أحد أن يتوقع تحقيق أى فيلم لإيرادات مرتفعة لأن الجمهور هو الحُكم، والسينما دائمًا ما تفاجئنا فى الإيرادات، لافتًا إلى أنه رغم ذلك يوجد مقومات ودلائل على نجاح الفيلم مثل أن يكون العمل يحمل رسالة مهمة ويتم تنفيذه بشكل احترافى.
وأضاف أن هذه التجارب منتشرة فى العالم كله فالمنتجون العالميون يتعاونون مع بعضهم ليقدموا هذا الشكل من الإنتاج السينمائى المستقل، حيث يقوم الفنانون والفنيون بتأجيل الحصول على أجورهم لحين عرض الفيلم بالسينمات، ومثال ذلك شركة الإنتاج التى أسسها "جورج لوكاس" و"فرانسيس فورد كوبولا" فى السبعينيات بأمريكا، وأنتجوا أفلامهم بشكل مستقل، متابعًا: مشروع الـ10 أفلام المصرية سيساهم بلا شك فى انتعاشة صناعة السينما".
ومن ناحيتها قالت الناقدة الفنية ماجدة موريس لـ"انفراد" إنها متفائلة بهذه المشروعات لأنها تعنى أن المنتجين بدأوا فى التجاوب مع الأوضاع والمتغيرات الجديدة فى سوق صناعة السينما التى تعانى طوال الوقت من قلة التمويل فى ظل تجاهل الدولة، لافتة إلى أن هذه المشاريع سيكون لها تأثيرًا إيجابيًا على العاملين بالمجال والجمهور على حد سواء، مؤكدة أن السينما المستقلة فى مصر خلال الـ7 سنوات الماضية أثبتت جدارتها واستطاع صناعها أن يقدموا تجارب لافتة وأخرجت لنا عددًا من المواهب منهم "أمير رمسيس" و"إبراهيم البطوط" و"أيتن أمين" وآخرين.
وأضافت أن شباك التذاكر ليس الاختبار الوحيد أمام هذه المشروعات مؤكدة أن المهرجانات الفنية والقنوات الفضائية هى أيضًا اختبارات مهمة، وفى النهاية العمل الجيد يفرض نفسه فى أى مكان، لافتة إلى أن الأمور لن تتحرك للأفضل فى السينما إلا بمبادرات من هذا النوع.