بعيدا عن الحديث فى السياسة التى سئم منها المشاهد واشتباكات الضيوف التى أصبحت أمرا واقعا فى بعض البرامج حتى إن هناك إعلاميين يعتمدون فى برامجهم على هذا الأسلوب للفت الأنظار إليهم، أصبح هناك شكل جديد ومألوف للبرامج على القنوات الفضائية التى لم تقتصر فقط فى تقديمها على الإعلاميين فقط، ولكن الفنانين والمشاهير أرادوا صناعة حالة منفردة بعيدة عن السياسة والخلافات وهى مناقشة القضايا الاجتماعية والإنسانية التى أصبحت تهم الجمهور أكثر من متابعة أخبار السياسة، ولإعطاء هذه البرامج مصداقية أكثر استعان صناعها بالجمهور فى الاستوديو.
منى الشاذلى أشهر من قدم هذه التجربة من خلال برنامجها «معكم» المعروض على «سى بى سى»، حيث أثبتت التجارب أن التفاعل مع الجمهور يعطى مصداقية أكبر للبرنامج ويجعل المشاهد والجمهور العادى أكثر قربا من نجمه الإعلامى المفضل.
ويبدو أن الفترة المقبلة ستشهد ظهور عدد أكبر من هذه البرامج التى تقدم من خلال مسرح بحضور جمهور حقيقى، وبعد برنامج «أعزائى المشاهدين مفيش مشكلة خالص» الذى يقدمه الفنان محمد صبحى وحققت حلقاته الأولى نجاحا كبيرا، خاصة فى الحلقات التى يركز فيها صبحى على الموضوعات والقضايا الاجتماعية، اختار النجم محمد سعد أن يطل على جمهوره فى برنامجه الجديد عن طريق مسرح يحضره جمهور يتفاعل مع سعد، وإن كان البرنامج الجديد يعتمد فى فكرته على الكوميديا، ولكنه يحمل نفس الهدف وهو الابتعاد عن السياسة والتفاعل مع الجمهور.
وأيضاً يستعد الثنائى الكوميدى شادى الفونس وخالد منصور لتقديم برنامجهما «ستار داى نايت لايف» بهذا الشكل من خلال التصوير على مسرح بحضور جمهور وهى الطريقة التى يقدم بها النسخة الأجنبية من البرنامج، كما أكد كابتن نور خطاب، مدرب اللياقة البدنية الشهير، ومقدم برنامج «ولسه ممكن» على قناة النهار أنه يرغب فى الفترة المقبلة فى تقديم برنامجه بشكل جديد من خلال التواجد فى مسرح بحضور جمهور.
كذلك ترددت أنباء قوية عن عودة الإعلامى معتز الدمرداش من خلال شاشة المحور، حيث يثار حاليا حديث حول عودته للقناة لتقديم برنامج اجتماعى ذات طابع تفاعلى مع الجمهور، ولا سيما بعد تجربته الأخيرة مع قناة إم بى سى وبرنامج أخطر رجل فى العالم.
لم يختلف هذا التوجه بالنسبة لخبراء الإعلام، حيث قال الدكتور حسن عماد، عميد كلية الإعلام ورئيس جمعية حماية المشاهد، لـ«ليوم السابع»، إن التوك شو السياسى تسبب فى حالة من الإحباط لدى الكثير من المتابعين، ومؤشرات نسب المشاهدة لهذه البرامج بدأت تتراجع، وأيضا إعلاناتها تراجعت، كذلك المال السياسى، وبالتالى كان هناك ضرورة لتدوير الأدوات التى تمتلكها تلك القنوات، للخروج من الحالة السياسية التى تجعل الاصطدام أقوى مع النظام.
وأضاف أن نوعية البرامج التى تعتمد على فكرة التفاعل مع الجمهور، هى محاولة لإعطاء هذا الجمهور الأمل، لأن صناعة الأمل لدينا مفقودة بسبب الظروف السياسية، ولكن النظام والدولة والناس فى أمس الحاجة للإعلام صانع الأمل، ولذلك قلت جرعة برامج التوك شو.
وأكد أن الخلطة التى قدمها الفنان الكبير محمد صبحى نجحت، وبالتالى تحاول بعض القنوات الأخرى إعادة تقديم هذا النموذج الناجح، بسبب حالة الإفلاس والاستهلاك التى تعانى منها بعض القنوات.
وشدد على أن وجود البرلمان، وانطلاق جلساته، أمس الأول الأحد، سيبث الروح فى التوك شو السياسى، خلال الفترة المقبلة، لأن كثيرا من النواب سيلجأون للميديا لمحاولة خلق حالة من الجدل للرأى العام، ولذلك أعتقد أن موجة البرامج الاجتماعية لن تستمر طويلا، ولا تلبى احتياجات المجتمع.
من جانبه، قال الدكتور فاروق أبو زيد، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن الإقبال على برامج التوك شو انخفض بشكل ملحوظ، بسبب أن تلك الفترة ليست ساخنة فى الأحداث، لأن أغلب القوى الموجودة على الساحة السياسية مؤيدة للرئيس السيسى، كما أن المتابعين والمشاهدين ملوا وسئموا من الصوت العالى والتجاوزات، وهو ما جعل الجمهور يتجه للبرامج «الخفيفة» والمسلسلات.
وأضاف أبوزيد أن ما ستتم مناقشته فى مجلس النواب من الممكن أن يغنينا عن برامج التوك شو، ومن الممكن أن يحييها من جديد، ويتوقف هذا على طبيعة القضايا التى سيناقشها مجلس النواب.
واختتم أبوزيد أن البرامج الخفيفة التى ظهرت والمتوقع أن تتزايد هى برامج اجتماعية كوميدية واستعراضية وفنية، وهى التى من الممكن تنجح خلال الفترة المقبلة، ولكن برامج التوك شو كما هى حتى وإن ضعفت وقل الإقبال عليها، ولكنها لن تموت.