يتجه فى التاسعة صباحًا إلى مكتبه فى إحدى الشركات الكبرى، مرتدياً بذلته الكاملة، متعطراً، وحاملاً شنطة اللاب توب، يصل إلى مكتبه لينادى ساعى الشركة طالباً لفنجان من القهوة، يجلس على مكتبه وعلى جهاز الكمبيوتر الخاص به لينهى عمله، وفى الرابعة عصرًا ينزل من عمله متجهًا إلى منزله لتبدأ رحلة عمل أخرى لا تمت بصلة للوظيفة التى يشغلها "تامر شعبان" المدير المالى فى إحدى الشركات التجارية الكبرى، الذى اختار زيادة دخله بوظيفة أخرى ليلاً "كبياع بطاطا" على طريقته الخاصة.
صينية كبيرة من البطاطا فى سيارة مودرن ذهبية اللون، وطبق كبير به حبات من الفراولة، وطبق آخر به جوز الهند وزبيب وبعض المكسرات الأخرى، وبرطمان مستطيل الشكل به شيكولاتة، وشخصية أخرى يتقمصها "شعبان" المدير صباحاً وبائع البطاطا ليلاً، 38 عاماً هو عمره الذى أبى أن يمر هباء وقرر زيادة دخله بطريقة "آخر شياكة".
بالطربوش الأحمر على رأسه وقفازات فى يديه، يعلو صوته "اللى عايز بطاطا مودرن؟ "بطاطا بطريقة جديدة"، لينجذب الأطفال والكبار حوله لشراء البطاطا ويبدأ تامر فى وضعها فى علب بلاستيكية صغيرة الحجم تتوسطها حبة من الفراولة وفوقها مكسرات وينتهى بسكب شيكولاتة عليها.
وقال تامر لـ"انفراد" اتخرجت من بكالريوس علوم إدارية وفى يوم كنت عند "أمى" فى البيت فلقيتها عملت بطاطا زى كدا بنفس الطريقة دوقتها فعجبتنى جدا فقولت أنزل أبيعها واسترزق ويبقى مصدر دخل تانى ليا بعد شغلى فى الشركة، هو انتوا ليه فاكرين إن بياع البطاطا لازم يكون حد فقير أو مش متعلم، الشغل مش عيب؟، ويتساءل "شعبان" باستنكار حقيقى ممن يشعرون بالخجل من العمل أى كان نوعه، العمل ليس عيبًا يستدعى الخجل منه على حد تعبيره، وخاصة إن كنت تعمل عملاً شريفاً محترماً، برضا واقتناع.
أما عن مظهر عربة البطاطا الجديد والنظافة التى تميز بها يقول تامر "العين بتاكل قبل البق فلازم يكون الحاجة شكلها نظيف ومرتب ولازم ألبس جوانتى لأنى أنا لو لقيت حد مش نضيف عمرى ما هاكل عنده"، هكذا اختار "تامر شعبان" زيادة دخله والجمع بين تحقيق الذات فى عمله الأساسى، وإرضاء قناعاته الشخصية عن العمل والحياة بعربة "بطاطا مودرن" فى الشارع.