النقش على الزجاج المنفوخ، مهنة يُلقب أصحابها بالفنانين، فكل وظيفتهم هى تلوين الزجاج المنفوخ والنقش على الكاسات والإبريق بنقوش ناعمة تارة وبارزة تارة أخرى، حسب مطلب التاجر الذى يطلبها منه، فرغم أنها مهنة شاقة جداً لمن يعمل فى هذه المهنة إلا أنها الترفيهية فى هذه الصنعة هى "نقاش الكاسات".
يجلس أمام منضدة خشبية ترتص عليها علب الألوان المختلفة الأحمر منها والأخضر والأزرق، ممسكًا بفرشته التى تعد الأداة الرئيسية للمهنة التى يمتهنها، فتعد صنعة "عماد" ذلك الرجل الأربعينى، هى آخر خطوة فى صناعة الزجاج المنفوخ.
تبدأ أولى خطوات هذه الصناعة بتجميع الزجاج المنكسر من مختلف الأماكن وجعله منصهرًا بعد إدخاله فى فرن بلدى، يشبه الفرن البلدى الذى يوجد فى بعض القرى لصناعة الخبر، فرغم أن هذه الصنعة تعد قديمة جدًا، إلا أن أصحابها يؤكدون أنها صناعة من أيام الفراعنة، فرغم اختلاف الأدوات التى يُصنّع بها الزجاج المنفوخ إلا أن هذه الصناعة ظلت كما هى منذ الفراعنة وحتى الآن.
ورغم أن غالبية من يعملون فى هذه الصناعة لم يحصلوا على قدر كافِ من التعليم إلا أن الأدوات التى يستخدمونها فى التلوين هى أدوات كيميائية، فلعمل اللون التركواز للكاسات يجلب العمال أوكسيد لنحاس ويشكلونه على هيئة دوائر ويقوموا بحرق هذه الدوائر وتقليبها مع مواد أخرى لتعطى لهم ذلك اللون، أما اللون الأخضر فيأتى بعد تجميع زجاجات المياه الغازية وتكسيرها وحرقها، بينما يأتى اللون العسلى من تكسير زجاجات الأدوية وحرقها أيضًا.
وتتم صناعة الزجاج المنفوخ عقب انصهار الزجاج المنكسر فى الفرن ومن ثم تشكيله بعد انصهاره تمامًا، ليتنوع تشكيله ما بين الإبريق والكاسات بلون أبيض أو أى لون آخر، يأتى دور عماد فى الخطوة الأخيرة، عندما يمسك فرشته الصغيرة وينقش على هذه الأباريق والكاسات من الخارج، لتصبح بارزة، يمكن لك أن تتناول بها المياه أو أى مشروب آخر، كما يمكن لأى سائح أن يتخذها تذكار فى بلده، فهى صناعة مصرية أصيلة، ولا يعلم قيمتها على حد قول نقاش الزجاج سوى السائحون.
"الصين قلدت كل حاجة ومعرفتش تقلد ده"، كلمات قالها عماد بكل فخر، فالصين التى استطاعت أن تغزو العالم بالسلع المختلفة، لم تستطع أن تُصنّع الزجاج المنفوخ وتلونه، فاعتمادها يكون بشكل رئيسى على الماكينات بينما هذه الصنعة فى مصر لا تتدخل بها أى ماكينات أو آلات أخرى سوى النار والخشب والزجاج المنكسر.