لم يختلف أحدًا منّا على ضرورة حب بلده واحترامه لها، فحتى يُظهر كل مواطن تقديره وحبه واحترامه لبلده هناك عدة أشياء ينبغى فعلها، فمنذ الصغر يعتاد الأطفال فى مدراسهم على ضرورة إظهار حبهم لبلدهم عبر تحية العلم يوميًا فى مدارسهم، وفى المناسبات الوطنية والأعياد القومية يتم عزف النشيد الوطنى الذى حفظناه على ظهر قلب؛ لكى نُثبت للجميع أننا نحترم هذا البلد ونقدرها، وحتى فى الانتصارات والثورات الحربية يتم عزف النشيد الوطنى كنوع من ملأ قلوب الجنود والثوار بالحماس والعزيمة.
لم يكنا تحية العلم والسلام الوطنى بمنأى عن فتاوى التحريم التى تصدر يومًا بعد الآخرعن الجماعات السلفية المتطرفة، ولم يقتصر الأمر على التحريم فقط، بل قاموا بتطبيق ذلك فى أعتى المناسبات الوطنية والجلسات السياسية، وقال وزيرالأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة اليوم إن تحية العلم هى ترسيخ للولاء وإنكارها جهل بالدين وجحود بالوطن.
"الدعوة السلفية.. تحية العلم حرام شرعًا"
بدأت فتاوى تحريم تحية العلم والسلام الوطنى بعد أن أفتى الشيخان عبد الآخر حماد مفتى الجماعة الإسلامية والشيخ سعيد عبد العظيم عضو مجلس أمناء الدعوة السلفية، حيث قالا بأن تحية العلم والسلام الوطنى أمران مخالفان للشرع فلم يقوموا بتعظيم شئ لا يرد الشرع تعظيمه، كما استدلا الشيخان على أن تحريم السلام الوطنى هو أمر ضرورى وصحيح؛ لأن السلام الوطنى به موسيقى والموسيقى بإجماع الأئمة الأربعة حرام شرعًا.
"تحية العلم بدعة محدثة"
لم يقف الأمر عند هؤلاء الشيخان فقط، بل قام بعض الشيوخ على احدى القنوات الدينية بتحريم التحية العسكرية التى تكون بين العسكريين أيضًا باليد، زاعمًا أن التحية تكون فقط بكلمة "السلام عليكم"، أما تحية العلم فهى بدعة محدثة لا يجوز للطالب أو الجندى أن يؤديها، صدرت هذه الفتوى من الشيخ عبد العزيز بن البار والشيخ عبد الرازق عفيفى والشيخ عبدالله بن غديان والشيخ عبدالله بن قعود.
"انسحاب عضو النور من لجنة الخمسين"
وانتقلت هذه الفتاوى من الجماعة الإسلامية إلى حزب النور السلفى، ليتفاجأ الجميع بعدم احترام أعضاء حزب النور للسلام الوطنى فى جلسة للجنة الخمسين لوضع الدستور الجديد، حيث طلب عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين فور إقراره مواد الدستور الجديد إذاعة النشيد الوطنى داخل القاعة، إلا أن عضو حزب النور محمد إبراهيم منصور انسحب من القاعة؛ لرأيه بأن النشيد الوطنى حرام شرعًا.
"ياسر برهامى.. لا يصح للمسلم أن يقف لتحية العلم"
لم ينتهى الأمر عند هؤلاء المشايخ فقط، بل قام ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية بإصدار فتوى بأن الوقوف احترامًا للعلم بدعة محدثة لا يصح للمسلم اتباعها، ليسوا مشايخ مصر وحدهم الذين أثاروا لغط حول تحريم تحية العمل، بل أن الشيخ عبد البر الأثرى قال أن تحية العلم والسلام الوطنى هما شيئًا من تقاليد دول الغرب الكافرة.
"عدم الالتزام بتحليل دار الإفتاء لتحية العلم والسلام الجمهورى"
ورغم صدور فتوى رسمية من دار الإفتاء المصرية بأن الوقوف فى السلام الوطنى وتحية العلم حلال، إلا أن السلفيين لم يقتنعوا بأن أداء تحية العلم واحترام السلام الوطنى حلال؛ إلا أنهم أصروا على أن تحية العلم واحترام السلام الوطنى حرام شرعًا، ولم يقفوا لتحية العلم.
"وقوفهم للسلام الوطنى الأمريكى"
ورغم امتناعهم عن أداء تحية العلم والسلام الوطنى لنشيد بلدهم وقف ممثلوا حزب النور السلفى أثناء عزف السلام الوطنى الامريكى فى احتفالية السفارة الأمريكية بمناسبة عيد الاستقلال الأمريكى عام 2012، ما عكس تناقض فى المواقف داخل الحزب والجماعة.
"مشروع بقانون لعقوبة من لا يقف لتحية العلم"
وتخلصًا من هذا الجدل الذى لا ينتهى، كان مجلس الوزراء يدرس إصدار مشروع بقانون بشأن العلم والنشيد والسلام الوطنى، حيث كان ينص مشروع القانون على حبس مدة لا تقل عن عام، وغرامة لا تتجاوز 30 ألف جنيهًا لكل من لا يقف احترامًا للسلام الوطنى.
وفى هذا الشأن يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن من يحرمون تحية العلم والسلام الوطنى هم أصحاب الجهل السلفى، فهم لا يعترفون بالوطن كما أن كراهيتهم للوطن جعلتهم يكرهون رموزه مثل السلام الوطنى وتحية العلم.
وكشف كريمة عن أن هناك كارثة لم تنتبه إليها الدولة، وهى أن كتب شيخ سعودى سلفى اسمه ابن الباز يُحرّم فيها بنص صريح السلام الوطنى وتحية العلم توزع فى مصر يوميًا ويأخذها شباب كثيرون، أما من يقولون أن السلام الوطنى حرام لأنه يحتوى على موسيقى بإمكاننا نزع الموسيقى من السلام الوطنى ونرى بعدها أنهم لن يقفون فى السلام حينها.