للمرأة فى حياة الأبنودى، بصمتها وتأثيرها، وانعكس هذا التأثير فى أشعاره التى كان يعبر بها عن أنواع مختلفة عن المرأة، وصفات ربما تكون متناقضة لها، فلحواء فى أشعاره نصيب الأسد، وفى ذكرى ميلاد "الخال" نستعرض صفات وملامح المرأة المصرية كما عبر عنها الأبنودى فى أشعاره.
الحكيمة ..
امرأة عندما تتحدث معها لا تمل، ولا تكل فهى كتاب تتلقى منه الحكم والعبر والخبرات بنهم، وبحر لا تنتهى الكنوز التى تخرج بها منه كلما ألقيت بنفسك فيه، هذه المرأة عبر عنها الأبنودى فى قصائده ببراعة، ففى قصيدة "يامنة" نجدها تلقى على مسامعه خلاصة تجربتها بالحياة وهى تقول:
"أول مايجيك الموت .. افتح
أول ماينادى عليك .. إجلح
إنت الكسبان .. إوعى تحسبها حساب
بلا واد .. بلا بت..
ده زمن يوم مايصدق .. كداب
سيبها لهم بالحال والمال وانفد
إوعى تبص وراك"
القوية ..
تلك المرأة التى مهما مرت بصعاب، فهى تقف صامدة، ومهما مر عليها من أزمات تتخطاها، ومهما شعرت بخوف تجاوزته .. وكانت معظم النساء اللاتى عبر عنهن الأبنودى يتسمن بالقوة، ففى قصيدة "يامنة" أيضاً يقول على لسانها:
"يوه يارمان.. مشوار طولان
واللى يطوِله يوم عن يومه يا حبيبى .. حمار
الدوا عاوزاه لوجيعة الركبة .. مش لطوالة العمر
إوعى تصدق ألوانها صفر وحمر.
مش كنت جميلة يا واد؟ .. مش كنت وكنت
وجدعة تخاف منى الرجال ..؟
لكن فين شفتونى؟
كنتوا عيال
بناتى رضية ونجية ماتوا وراحوا
وأنا اللى قعدت .. طيب يازمان"
الحنونة ..
تلقى بنفسك فى أحضانها فتشعر أنك اختبأت من العالم، تستمع لكلماتها فـ "تُطيب خاطرك"، تمر بالصعاب فـ "تواسيك"، تتفقد أحوالك، وتسأل عنك، تسامحك حتى وإن لم تسأل أنت عنها .. تلك هى مواصفات الفتاة الحنونة التى جسدها بكلمات رائعة الأبنودى، ففى رسائلها لزوجها "حراجى" تقول "فاطنة" متفقدة أحواله:
"وقوللى يا حراجى ..بتاكل كيف؟
وبتلبس إيه ؟ وبتقلع إيه ؟ بتنام فين ؟
قاعد فى المطرح مع مين ؟
مين اللي بيغسلك توبك .. وبتتسبح فين؟"
ويتضح حنان المرأة كذلك فى قصيدة "يامنة"، فتقول له معبرة عن حبها رغم عدم سؤاله عنها:
"ماشى يا عبد الرحمان .. أهو عشنا وطلنا منك بصة وشمة
دلوك بس ما فكرت ف يامنة وقلت: يا عمة؟
حبيبى انت يا عبد الرحمان والله حبيبى ..
وتتحب على قد ماسارقاك الغربة ..
لكن ليك قلب مش زى ولاد الكلب اللى نسيونا زمان"
الشجاعة ..
امرأة تواجه خوفها فتتغلب عليه، حتى الموت لا تهابه، فلا تهرب، ولا تختبىء، أو تنزوى .. لكنها تواجه، هذه المرأة ظهرت فى قصائد الأبنودى كثيراً، ففى قصيدة "البت جمالات" معبراً عن الفتاة التى تواصل حياتها رغم الحروب فيقول:
"لسة عايشة يا جمالات؟
عايشة وزى العفاريت
والديناميت؟
الديناميت والنار دايرين
وانا فى الفدان ماسكة المنجل
وبجيب للفرسة حشيش
الكلب الٌلسود؟
الكلب الٌلسود تعيش انت
وديكة خدته الدانة
مش ناوي يا خال تقعد لك جمعة معانا
خواف
أمه.. خالى عبد الرحمن خواف
بقى زى الافنديات اللى من مصر"
وعن أمه، فاطمة قنديل، التى لا تخشى الموت أو مجيئه يقول فى قصيدة "أمى والليل مليل":
"أمى .. والليل مليل
طعم الزاد القليل، بترفرف.. قبل ترحل
جناح بريشات حزانى .. وسددت ديونها .. وشرت كفن الدفانه
تقف للموت يوماتى .. "مجاش ابن الجبانة"
الهشة ..
تحتاج المرأة للسند، لمن يقف بجانبها، لمن يواسيها، فتحتاج المرأة الهشة دوماً لرجل يعينها على الحياة وصعوباتها ومشاكلها .. تحتاج دوماً لآخرين، وفى رسائل "فاطنة" لزوجها "حراجى" تقول معبره له عن حاجتها لوجوده:
"اتأخرت مسافه كبيرة كبيرة على ..
عارف فاطنه يا حراجى .. لا ليها عايل .. ولا خى
ليه تتأخر كده يا حراجى ؟
طب والنبى كأن ورقتك دى ..
أول قنديل يتهز فى جوف الدار ..
أول ندعة ضو ..
الدار من غيرك يا أبو عزيزة .. هِــو"
الصبورة ..
وفى رسالة أخرى لفاطنة أيضاً لزوجها المغترب عنها، يوضح الأبنودى كيف تصبر المرأة التى يبتعد عنها زوجها، وكيف تتحمل ظروف الحياة القاسية، دون أن تجعل زوجها يفكر فى هموم الحياة ومتطلباتها فتقول:
"أما بعد ..
فاحنا وزعنا المبلغ زى ما قلت ..
ولعلك ما تشغلشى بالك بينا وابقى فى راحة بال ..
إحنا يا حراجى، بعد الشر ..
إن ضاقت بينا الحال .. يكفينا ريال"