ذكرها يرتبط بروائح البخور العطرة وصوت الابتهالات الصافية، ونغمات المدد التى تنبعث من كل مكان يحيط ضريحها، إلا أن ذكر السيدة زينب الغالية ابنة الغالية له تفاصيل أخرى وحكايات تبوح بأسرار عن واحدة من أهم النساء فى الإسلام اللاتى على ذكرهن تذكر الكثير من الحوادث التى تبرهن على أن المرأة كائن يصعب التعامل مع تفاصيله، التى تجمع بين الرقة والحنان تارة، وبين القوة والصلابة وتحمل الأعباء تارة، وبين عنصر تميزها وهو صلتها المباشرة ببيت الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فهى السيدة زينب ابنة السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها وأرضاها التى يعرف الجميع إنها من أغلى بنات النبى صلى الله عليه وسلم على قلبه، فهى الحبيبة التى قال عنها رسول الله "أم أبيها"، فضلاً عن والدها الإمام على بن أبى طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه الذى عاش معه سنوات الدعوة ونشر الرسالة بلحظات النصر والقسوة، فكانت لابنتهما السيدة زينب فى قلب جدها المصطفى منزلة، فهو من سماها على اسم خالتها الكبرى السيدة زينب، وكان رسول الله يحبها حباً شديدة، خاصة إنها أخذت عن والدتها الرقة والحنان والخلق الحسن، وأخذت عن والدها العلم والتقوى، حتى تميزت بثقافتها وفصاحتها وبلاغة حديثها.
تزوجت السيدة زينب رضى الله عنها من ابن عمها عبد الله بن جعفر بن أبى طالب وأنجبت 4 أبناء، وبالرغم من حنانها كأم إلا إنها كانت امرأة تملك من القوة والجلد ما جعلها صابرة على حوادث كثيرة شهدتها طوال حياتها، فقد عاصرت مقتل أبيها على بن أبى طالب على يد أحد الخوارج، ولأن الكوارث لا تأتى فرادى فتوالت الشدائد على قلب السيد زينب فمات أخوها سيدنا الحسن رضى الله عنه، ومن بعدها بدأت تتلاحق عليها المصائب خاصة بعد إصرار يزيد بن معاوية على أخذ البيعة من سيدنا الحسين رضى الله عنه، واضطر بعدها سيدنا الحسين إلى مغادرة المدينة معه أهل بيته ومن ضمنهم السيدة زينب إلى الكوفة، لم تكن تعرف حينها أن الكوفة تنتظرها بمصيبة جديدة كان لها وقع السوط على قلبها، إذ عاشت لحظات استشهاد أخوها سيدنا الحسين وابنها عون وعدد من أهم شباب آل البيت وأبناء الصحابة، لم يقف استقبال الكوفة للغالية زينب عند هذا الحد فحسب، بل دخلت فى صفوف السبايا والأسيرات ومعها ابنتا أخوها الحسين رضى الله عنه، وتبدأ معاناة السيدة الزينب صاحبة النفس الأبية التى ملكت من عزة النفس ما جعلها تقف فى وجه أعتى الرجال وتسمعهم من الكلام ما تطأطئ له الرؤوس وتُذل له الأسماع لتذكر أهل الكوفة بوعيد الله لهم على ما فعلوه بأهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم، تعود مرة أخرى إلى المدينة المنورة، لكن عودتها لم تكن كما تمنت فقد كانت الفتنة قد اشتدت بين الأمويين وبينها، فتوجهت بعدها إلى أرض مصر، لتجد فيها ما يعوضها عما رأته فى الكوفة حيث أحسن المصريين استقبالها وظلوا يكرمونها ويحفظون قدرها بحق، حتى أنها جلسن ببيت والى مصر حتى وافتها المنية فيه بعد عام واحد من قدومها إلى مصر، فدفنت فيه ومن يومها وأصبح هذا المكان هو ضريحها، الذى يذهب إليه المصريون لزيارة بنت بنت النبى ويذكرونها بخير المديح وخير الأحاديث نظراً لمكانتها وعزتها.