يحتضن بعد غد الأحد مناسبتين هامتين تحدثان فى ذات اليوم وتتعانقان احداهما تخص المسلمين عامة وهى وقفة عرفات، والأخرى تخص الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر وحدها، حيث تبدأ سنة 1733 القبطية فى التقويم الذى تستعمله الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر حتى الآن، حيث يعد التقويم القبطى هو التاريخ الدينى الرسمى لطائفة الأقباط فى مصر.
ويطلق لقب الأقباط أو "القبط" فى الأصل على سكان مصر بوجه عام منذ العصور الفرعونية، وقد عرفوا بهذا الاسم نسبة إلى مدينة جيط أو جبيتو عاصمة مقاطعة نتروى بصعيد مصر، والمعروفة حاليا باسم "فقط"، وعندما فتح العرب المسلمون مصر عرف سكانها بالقبط تجاوبا مع اللقب الشائع فى مصر آنذاك، ويعتمد الفلاح المصرى على التقويم القبطى فى الدورات الزراعية اعتمادا كليًا، وفى اختيار الزراعات حيث يرتبط هذا التقويم ارتباطا وثيقا بالمناخ وفصول السنة محددًا أكثر شهور العام حرًا وبردًا وسخاء بفيضان نهر النيل.
واحتفظ الأقباط بالنظام الفرعونى للتقويم المصرى على أساس أن السنة الشمسية تضم 12 شهرا عدد أيام كل منها 30 يوما يلحق بها أيام شهر النسىء، وعدد أيامه إما 5 أيام فى السنة البسيطة، أو6 فى السنوات الكبيسة، وتم الاحتفاظ بأسماء الأشهر القبطية الـ 12 كما عرفت بها فى التقويم الفرعونى منذ الأسرة الخامسة والعشرين فى عهد الاحتلال الفارسى لمصر، هى بترتيب تواليها: "توت – بابه - هاتور – كيهك – طوبة – أمشير – برمهات – برمودة – بشنس – بؤنة – أبيب – مسرى – ونسئ".
ويرجع تاريخ ظهور التقويم القبطى إلى تغيير البطالمة للتقويم المصرى، الذى تعرض للتغيير فى عام 238 ق م، من قبل بطليموس الثالث الذى أحدث فيه عدة تغييرات عن طريق زيادة عدد أيام السنة المصرية، وهى تغييرات لم ترق للكهنة المصريين، فأجهض المشروع.
وأعاد الإمبراطور اللاحق له "أغسطس" تطبيق المشروع مرة أخرى، فغير تماما التقويم المصرى ليتزامن مع التقويم اليونانى الجديد (وهو أساس التقويم الجريجورى الذى يسير عليه الغرب إلى اليوم)، وهكذا ظهر إلى الوجود "التقويم القبطى أو التقويم السكندرى"، الذى يختلف عن التقويم المصرى الفرعونى.
واعتبر تاريخ تقلد الإمبراطور الرومانى دقلديانوس حكم مصر بداية للتقويم القبطى تخليدًا للشهداء الأقباط الذين نكل بهم هذا الإمبراطور الوثنى لتمسكهم بعقيدتهم المسيحية ورفضهم تأليهه وعبادته، وتم تحديد بداية التقويم القبطى على هذا الأساس بيوم 29 أغسطس من عام 284 ميلادية، الذى قابل بداية شهر "توت"، وهو الشهر الأول فى التقويم القبطى وبعد عدة تصحيحات فى التقويم الميلادى فى منتصف القرن السادس عشر بات يوم 11 سبتمبر هو بداية السنة القبطية البسيطة، و12 سبتمبر بداية السنة القبطية الكبيسة.
ولم يأخذ التقويم القبطى بتصحيح التقويم الجريجورى للتقويم الميلادى مما جعل ميلاد المسيح يختلف فى الشرق والغرب فيوافق 7 يناير فى التقويم القبطى و25 ديسمبر فى التقويم الجريجورى.