* سيدنا يوسف وضع استراتيجيته لإنقاذ مصر قبل 7 سنوات من الجفاف
* الأخصائى النفسى يطالب بإحياء الجانب "اليوسفى" فى الشخصية المصرية والارتكاز على العمل
* "يوسف" زرع العديد من سلالات القمح تتوافق مع جميع فصول العام وشجع البحث العلمى
* مصر تعانى من أكاذيب الـ"سوشيال ميديا" مثلما عانت وقت يوسف من شائعات الكلام
* "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" بمثابة جواز الدخول إلى البلاد بدون تفتيش
* آثار الصوامع فى الجيزة والصعيد تؤكد فكرة توحيد مصر خلال عصر "يوسف"
* حاتم زاهر: يوسف لم يعاصر فترة الهكسوس بل عاش فى مصر موحدة شمالا وجنوبا
* الفراعنة أنشأوا 100 بوابة على الحدود الشرقية لتفتيش الداخلين إلى سيناء قبل 3500 عام
فى الوقت الذى تعانى منه مصر من اضطرابات اقتصادية وسياسية واجتماعية، جراء الإرث الثقيل الناتج عن حكومات متعاقبة، فشلت فى تلبية طموح الفراعنة، خرج الشعب ثائرًا على الفساد الذى ضرب شتى مناحى الحياة بثورتين علمتا العالم كيف يكون الغضب فى حب الوطن.
واستدعى الدكتور حاتم زاهر، أخصائى الطب النفسى، المدة الزمنية التى عاش فيها النبى يوسف عليه السلام بمصر، ومدى تطابقها مع المرحلة الحالية التى يعيشها المصريون بكافة الأصعدة، مشددًا على أن الحلول التى وضعها نبى الله هى الأنسب لمعاجلة الوضع الراهن.
عكف زاهر 8 أشهر يدرس فيها أوجه التشابه بين تلك الحقبة من تاريخ الفراعنة، والمرحلة الحالية ليخرج ببحث مطول فى ذلك، خص "انفراد" بنشره على عدة حلقات.
سيدنا يوسف وضع استراتيجيته لإنقاذ مصر قبل 7 سنوات من الجفاف
وقال أخصائى الطب النفسى خلال بحثه، إن حياة يوسف الصديق، هى قصة مصرى عاش على تراب الوطن فعشقه وشعر بمعاناته، فقرر أن يضع الرؤية والخطوط التى تخلصه مما يؤرقه، لينعم المصريون بحياة رغدة وتقدم، وهو الأمر الذى نجح فيه بامتياز، وكان فخر لمصر والمصريين، عندما انحنى الجميع أمام رؤية يوسف الثاقبة وتوقعاته التى لم تخطئ قط، ووضع استراتيجته التى بدأ تنفيذها قبل 7 سنوات من الجفاف الذى ضرب البلاد، وأنقذ الشعب من سنوات عجاف أتت على الأخضر واليابس، وكادت أن تهلك النفس أيضًا لولا مثال الصدق والإخلاص الذى رفعه يوسف فى حب الوطن.
وأكد زاهر، أن نبى الله يوسف لم يتعامل على أنه نبى فلو تعامل على أساس ذلك لدعى ربه بأن ينزل المطر ولكنه تعامل أنه بطبيعته البشرية وقام بتعظيم العمل والتخطيط لمواجهة الأزمة التى مرت بها مصر، لذلك يجب إحياء هذا الجانب الآن لأننا بحاجة كبيرة له.
الأخصائى النفسى يطالب بإحياء الجانب "اليوسفى" فى الشخصية المصرية والارتكاز على العمل
وأكد زاهر، أن يوسف عليه السلام، تعامل بصفته البشرية وليست النبوية، وهو من قال فى وقته: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" قبل أن تُدْرَج كآية قرآنية فيما بعد خلال عصر النبى محمد صلى الله عليه وسلم، مطالبًا الشباب المصرى بضرورة إحياء الجانب "اليوسفى" فى الشخصية المصرية، التى ترتكز على القول والعمل والتفانى من أجل الوطن بإخلاص، وحب الإنسانية المبنى على المشاركة والمساواة دون تمييز بين العرق والدين، وهو الأمر الذى يجب أن يدفع كل شباب مصر إلى إحياء شخصية يوسف بداخلهم لتكون منهج الحياة.
حاتم زاهر: يوسف لم يعاصر فترة الهكسوس بل عاش فى مصر موحدة شمالا وجنوبا
وأوضح زاهر، أن يوسف دخل مصر وعمره 13 سنة، وعاش بها حتى وافته المنية وكان عمره 110 سنة آنذاك، وأنه لم يكن حاكمًا بل رمزًا للإنسان المصرى البسيط، مشدّدًا على أنه خلص فى بحثه إلى أن سيدنا يوسف لم يعصار فترة الهكسوس كما يقول بعض المؤرخين، بل عاش فى مصر موحدة شمالاً وجنوباً.
آثار الصوامع فى الجيزة والصعيد تؤكد فكرة توحيد مصر خلال عصر "يوسف"
وأشار إلى أن الصوامع التى بناها يوسف لم تكن فى الوجه البحرى، فقط بل فى جنوب البلاد، وتدل الآثار المنتشرة للصوامع سواء فى ميت رهينة التابعة للبدرشين بالجيزة، أو فى جنوب البلاد بمركز إسنا فى الأقصر، الأمر الذى ينفى فكرة أن يوسف عاش فترة الهكسوس كون البلاد كانت موحدة وليست مقسمة.
وقال زاهر، إن حلم فرعون مصر فى ذلك الوقت يقول إن مصر مهددة بمجاعة على خلفية جفاف سيضرب البلاد، وفق تفسير يوسف عليه السلام للرؤية وقال تعالى: "وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى? سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ? يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ"، وهو نفس الشئ الذى يهدد مصر حاليًا بسبب بناء سد النهضة، وتأكيد الخُبراء بتبعاته التى ستقع عاجلاً أم آجلاً.
الفراعنة أنشأوا 100 بوابة على الحدود الشرقية لتفتيش الداخلين إلى سيناء قبل 3500 عام
وتابع زاهر، أن التشابه الثانى هو المطامع الخارجية فى أرض الفيروز (سيناء) بوابة مصر الشرقية، وهو ما دفع الفراعنة إلى بناء ما بين 50 إلى 100 بوابة بطول هذه المنطقة لتفتيش الداخلين إلى البلاد، الأمر الذى جعل من دخول مصر بناحية سيناء شئ فى غاية الصعوبة.
كاشفًا أن قول الله تعالى: "وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ" حكاية على لسان سيدنا يعقوب لأبنائه ليس مقصود منه الحسد كما يعتقد البعض، بل تحاشيًا للتعقيدات الأمنية المشددة التى وضعها الملوك لدخول مصر، بالإضافة إلى عدم اتهامهم بالقيام بأعمال تخريبية كونهم جميعًا أخوة.
"ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" بمثابة جواز الدخول إلى البلاد بدون تفتيش
وأكد أنه عندما استقبل يوسف عليه السلام أهله جميعًا فيما بعد، وقال لهم: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" كانت بمثابة جواز الدخول بدون تفتيش، وهو ما تم بالفعل أيضاً فى سيناء.
التطابق الثالث وفق الدكتور حاتم زاهر، هو أن مصر منذ 3500 عام، كانت تعانى من نقص فى القمح واللحوم، والمشكلة الأساسية التى عمد يوسف على حلها فور خروجه من السجن، هى نفس المشكلة التى تعانى منها البلاد الآن، كون مصر أكبر دولة مستوردة للقمح على مستوى العالم.
مصر تعانى من أكاذيب الـ"سوشيال ميديا" مثلما عانت وقت يوسف من شائعات الكلام
وقال إن التطابق الرابع، هو الشائعات التى تعانى منها مصر الآن وكثرة الكلام خاصة فى ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعى مثل "فيس بوك"، و"تويتر" وغيرها، فكانت الشائعات نفس المشكلة التى عانت منها مصر فى عصر يوسف، لدرجة أن المصريين ظلوا 7 سنوات يتحدثون عما وقع بين يوسف و"زليخة".
ولفت زاهر، إلى أن يوسف عليه السلام بعد خروجه من السجن، وضع أسس علم الاقتصاد عندما طلب من شعب مصر التوقف عن الكلام والعمل على زراعة القمح وفق ما أخبرنا به كتاب الله سبحانه وتعالى: "قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ".
"يوسف" زرع العديد من سلالات القمح تتوافق مع جميع فصول العام وشجع البحث العلمى
وكشف أن الآية الكريمة بها سر خطير يكمن فى عدم التصريح بلفظ "القمح" ولكنها أوردت جمع كلمة "سنبلة" ما يدل على أن القمح له الكثير من السلالات التى تتكيف مع جميع فصول العام.
الاستعداد للأزمة هو الأساس فى مواجهة التحديات والعمل الدؤوب بالإضافة إلى جعل البحث العلمى ركيزة أساسية فى تنمية المجتمع، وهو ما فعله يوسف عليه السلام عندما عمد إلى زراعة سلالات متعددة من القمح تتناسب مع كافة فصول العام وفى مختلف ربوع مصر بحيث لا تنقطع زراعة القمح فى الفصول الأربع.
وختم زهران حديثه فى الحلقة الأولى، بضرورة الاعتماد على البحث العلمى والاهتمام به، وفتح المجال أمام تشجيع الباحثين على إيجاد سلالات متعددة للقمح، تصلح للزراعة فى جميع فصول السنة، بعيدًا عن التعقيدات البيروقراطية، مع إصدار قرار إجبارى ينص على زراعة القمح، نظرًا لأهميته الاستراتيجية، وتوفير مليارات الدولارات من الموازنة العامة للدولة، التى ترصد لشرائه سنويًا.