لفتة رومانسية لطيفة من شاب لحبيبته بدعوتها إلى باريس للاحتفال بعيد ميلادها الـ 28 انتهت بشكل دموى للغاية، بسبب الهجوم الإرهابى على مسرح باتاكلان الفرنسي، ولكن شجاعته ومحبته الواضحة لها والتى دفعته لحمايتها من إطلاق النار توجت محبتهما بالارتباط الأبدي، فربما لن تجد دليلاً على الحب أقوى من هذا.
وبمناسبة خطبتهما حكى الشاب "ديفيد نولان" للنسخة الأيرلندية من صحيفة "ديلى ميل" تفاصيل ما حدث فى هذه الليلة التى لن تنسى والتى أصيبت ساقه خلالها وسيضطر بسببها لقضاء 6 شهور على الكرسى المتحرك.
عيد الميلاد الرومانسى تحول إلى ليلة دموية
وقال "ديفيد" "حتى الآن أشم رائحة البارود فى الهواء، ويتردد صدى الطلقات فى أذني"، وأضاف "فى تلك الليلة شعرت أنه بالتأكيد واحدة من هذه الطلقات ستصيبنا وسنموت معًا ولكننى حاولت قدر الإمكان حمايتها، وتحديدًا رأسها حتى إذا بدأ إطلاق النار نحونا أقف فى طريق الرصاصة قبل أن تصيب "كاتي".
وعن بداية القصة قال "ديفيد" "حجزت رحلة إلى باريس لكاتى بمثابة مفاجأة فى عيد ميلادها، وكان كل شيء يسير بشكل جميل وعلى ما يرام، وكان الجو فى المدينة لطيف جدًا فى هذا الوقت من العام، وذهبنا إلى المسرح حيث وجدنا هناك الكثير من الناس من مختلف الفئات العمرية، حتى أننا رأينا رجل فى الستينات فى طريقه لدخول المسرح لحضور الحفل الموسيقى وفكرنا فى أننا نتمنى لو أننا عندما نصل لهذا العمر نكون محبين للحياة مثل هذا الرجل لدرجة أننا نذهب لحفل من هذا القبيل".
لحظات من الرعب والموت على قيد أنملة من الحبيبين
هذه اللحظات المفعمة بالرومانسية والهدوء والصفاء تبدلت فى ثوان بمجرد دخول المسلحون المبنى. ولا يعرف "ديفيد" ولا "كاتي" ماذا حدث ولا كيف كانت البداية، وقالا "كنا نظن أن هذا الصوت بسبب إطلاق الألعاب النارية، ولكن عندما عدنا إلى الوراء لنلقى نظرة على الباب رأينا خيال رجل عند الباب وبدأ إطلاق الرصاص داخل القاعة وأصبح واضحًا أنها ليست ألعاب نارية".
تابع ديفيد "كان الأمر مخيفا. حاولت تغطية كاتى قدر ما وسعى لحمايتها، كانت لدى فقط غريزة تدفعنى لحمايتها والتأكد من أنها بخير، ومع تتابع إطلاق النار ورؤيتنا الناس يتساقطون حولنا ويتحولون فى لحظات إلى جثث استلقينا على الأرض، وحرصت على الاستلقاء على رأس كاتى لحمايتها وكنت أرى أقدام الرجل الذى يطلق الرصاص وكان من الواضح أنه يحتضر أيضًا فكانت دماء تستنزف من حذائه".
بينما كنا ممددين على الأرض كان الناس حولنا يتهامسون لبعضهم البعض بألا يتحركوا ويبقوا رؤسهم منخفضة وأتذكر أن كاتى كانت تقول لى الأمر نفسه، وتهمس لى "أنا أحبك" ورددت أنا بأننى أحبها جدًا".
بعد توقف الرشاشات أخذ رجل مسلح يدور فى المكان يطلق الرصاص بشكل فردى على الأجسام الملقاة على الأرض، رغم أن بعضهم مات بالفعل والآخرون يحتضرون، ورأى "ديفيد" قدم المسلح بالقرب منهم حتى أنه يكاد أن يدوسهم، وتوقعا أن تكون الرصاصة القادمة من نصيبهما. انتظرا الموت برعب ويأس كاملين ولكن فجأة تحرك المسلح من جوارهما إلى منطقة البار وأطلق عدة رصاصات هناك.
وحكى ديفيد "فجأة انفتح باب المسرح الموجود إلى جوارى وإلى يمين "كاتي" ولم نعرف أبدًا من فتح هذا الباب، وما إذا كان شخص ما يخرج أو يدخل القاعة، ورغم أننا لم نعرف إلا إنه لم يكن بإمكاننا البقاء ولم يكن فى وسعنا إلا الخروج.
وبالفعل أسرع "ديفيد" و"كاتي" للخروج إلى الشارع، وقتها كان "ديفيد" متأكدًا من إصابة قدمه ولكنه لم يدرك بعد أنه أصيب برصاصة، كان يظن أن كاحله التوى أو ما إلى ذلك، ولكن بعد أن خرج للشارع اكتشف للمرة الأولى أن هناك رصاصة فى ساقه.
بعد خروج "ديفيد" و"كاتي" بدأ الناجون القليلون من الحدث فى التدافع عبر البوابة حيث بدأ الناس فى الخارج يرشدونهم إلى مكان آمن.
6 شهور على كرسى متحرك.. ضريبة النجاة
بعد وصول "ديفيد" إلى المستشفى اكتشف أن الرصاصة استقرت فى قدمه وحطمت العظام لحد كبير وأجرى 3 عمليات جراحية فى دبلن من أجل إعادة إنقاذ قدمه وسيضطر لاستخدام كرسى متحرك ما لا يقل عن 6 أشهر.
ورغم أن ديفيد وكاتى من القليلين المحظوظين بالنجاه فى ذلك الهجوم الذى أودى بحياة 89 شخصًا، ولكن الكوابيس والأحلام السيئة لم تكف عن مهاجمتهما كل ليلة، رغم أنهما يدركان تمامًا أنهما "محظوظان لأننا على قيد الحياة. كان الأمر صعبًا ومن الممكن أن يكون أسوأ بكثير".
وقالت "كاتي" لا أحد منا يستطيع النوم ومن الصعب جدًا أن نواصل حياتنا بشكل طبيعي، لهذا زرنا مستشارين نفسيين من أجل الحديث عن الأمر ولكننا عاجزين بالفعل عن الحديث عن الأمر بالشكل الكافي".
ولكن لأن الحياة يجب أن تمضى وهذه الأزمة يجب أن تمر، وربما لأنهما أدركا أن العمر لحظة قرر الحبيبان أن يأخذا الخطوة الأولى نحو القفص الذهبى بعد أن تأكدا أنهما بالفعل يريدان أن يكملا عمرهما سويًا.