نجح البروفيسور البحرينى فؤاد شهاب فى رسم صورة إنسانية متكاملة فى رائعته "حبيبتي ابنتي.. سميتها مريم" التى تعبر عن دراما حية من لحم ودم وذكريات حلوة ومرة وتفاصيل سينمائية مدهشة .
يسرد شهاب فى روايته الممتعة رحلته هو وزوجته " نادية " مع ابنتهما مريم، وكيف تحولت حياتهم من أسرة عادية إلى أسرة فريدة وضعت في مأزق متعدد الوجوه،بعد أن اكتشفوا أن ابنتهما " مريم ولدت صماء، وكيف أن الأبوين وسط الظلام الدامس الذي أحاط بهما بعد تلك الصدمة أخذا يبحثان عن مخرج يبعث مريم لتصبح كائنا رائعا وسط ركام من المعتقدات الثقافية الموروثة التي ترقد في العقول كجبال راسية لا تتزحزح من مكانها.
تتناول الرواية الإنسانية قصة مريم، وكيف استطاع البروفيسور فؤاد شهاب التغلب على مشكلتها و دمجها في المجتمع.
كانت البداية صدمة تلقيه خبر وجود إعاقة سمعية لدى ابنته البكر مريم وكيف أخبره الأطباء بأن هذه الطفلة لن تستطيع الكلام طوال حياتها، لينطلق بعد الرضا بقضاء الله وقدره مع زوجته نادية في رحلة طويلة للبحث عن العلاج في الوقت الذي كانت البحرين والعديد من دول العالم تفتقد وجود مراكز متخصصة في هذا المجال, وليستقرا في نهاية المطاف في القاهرة لعدة سنوات ، لتكون مريم بجوار طبيب حاذق متخصص في علاج هذا النوع من الإعاقة، ولتتحقق المعجزة وتنطق مريم وهي ابنة 6 سنوات بكلمة "بابا" .
يربط دكتور فؤاد شهاب فى روايته الإنسانية بين الخاص والعام فى خيوط رفيعة متقنة ، استطاع من خلالها ليس فقط تحدى مشكلة مريم بل تحدى المجتمعات العربية فقد نجح من خلال الجمعية البحرينية لتنمية الطفولة في تأسيس أول مركز لمعالجة المصابين بالصم بأسلوب التحدي وقوة الإرادة، وتمكن من خلال دعم المؤسسة الخيرية للأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود من إنشاء مركز سلطان بن عبدالعزيز لتنمية السمع والنطق.
تكشف الرواية الإنسانية كيف عادت مريم للبحرين بعد رحلة القاهرة وهي قادرة على التحدث، وألقت خطابا في أحد المؤتمرات المتعلقة بالنطق قبل أن تبلغ التاسعة من عمرها، وانتظمت في المدارس العادية بالبحرين، وتمكنت من الحصول على تقدير امتياز في المرحلة الثانوية ونالت بعثة من وزارة التربية والتعليم للدراسة بكلية العلوم المالية والإدارية في الجامعة الأهلية، ثم التحقت بسوق العمل وتمكنت من إتقان اللغة الإنجليزية بطلاقة.
أما مريم فؤاد شهاب بطلة القصة الإنسانية فهى مشروع أديبة بليغة عندما تتحدث وعندما تكتب تقول مريم لكل من ساندها ووقف بجانبها قائلة : " ما الشمس إن لم تكن أشعة تتوزع نورًا على الكائنات، ما الورد إن لم يكن عطرًا ينتشر في الوجود، هكذا هو قلبي يتوزع في أسرتي، وأصدقاء أسرتي، وزملائي، والمركز الذي علمني أصول الكلام، والوطن الذي حباني المحبة والدفء، أنا أصبحت فيكم، أنا منكم، أنا أنتم، أحبكم”.