طيلة الأشهر الماضية تعرضت مصر لحملة ابتزاز خارجية وضغوط لإجبار القاهرة على قطع علاقاتها الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، رغم يقين الجميع أن مصر ملتزمة بكل المواقف الدولية الداعية إلى تخلى بيونج يانج عن برنامجها النووى، وأيضا تهيئة الأجواء للتهدئة فى شبه الجزيرة الكورية، نظراً للعلاقات الجيدة التى تربط مصر بدول هذه المنطقة، سواء الصين أو كوريا الجنوبية واليابان، ممن يدركون جيداً حقيقة المواقف المصرية التى تم التعبير عنها فى أكثر من مناسبة، منها على سبيل المثال التصويت فى مجلس الأمن العام الماضى لصالح فرض عقوبات على نظام بيونج يانج، وهو الموقف الذى كان محل تقدير من الدول المعنية بالأزمة الكورية الشمالية، ولم يكن الموقف المصرى استجابة لأحد، وإنما كان معبراً بصدق عن الرؤية المصرية بأهمية إخلاء العالم بأكمله من أسلحة الدمار الشامل.
ورغم الموقف المصرى الواضح الذى لا يحمل أى لبس، لكن تواصلت الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية أيضا من خلال ترويج بعض التقارير الإعلامية المشبوه، مثل تلك التى أثارتها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نهاية سبتمبر الماضى التى زعمت وجود علاقة لمصر بشحنة الأسلحة الكورية الشمالية التى تم ضبطها حينها فى قناة السويس، حيث قالت الصحيفة كذباً إن مصر كانت المشترى غير المعلن لقذائف صاروخية من كوريا الشمالية بـ23 مليون دولار فى 2016.
وللأسف الشديد استخدمت واشنطن بوست، أحد الإعلاميين المصريين المتواجدين فى واشنطن فى هذه الحملة ضد مصر، حيث ارتضى هذا الصحفى أن يكون رأس الحربة الموجهة ضد مصر، مقابل راتب شهرى يحصل عليه من قناة «العربى الجديد» الممولة من المخابرات التركية والقطرية، ويديرها عضو الكنيست الإسرائيلى السابق عزمى بشارة، حيث تم الاتفاق بين الصحيفة الأمريكية وهذا الصحفى بكتابة تقارير عن علاقة مصر بكوريا الشمالية لكى يستند لها الإعلام الغربى فى هجومه على مصر، وتوافق هذا الاتفاق مع الدور الذى تم تحديده للصحفى من جانب تركيا وقطر بأن يكون أحد المروجين لجماعة الإخوان الإرهابية فى الأوساط السياسية والأكاديمية والإعلامية الأمريكية، ومهاجماً لمصر ورئيسها.
وقتها أصدرت مصر بياناً واضحاً نفى خلاله المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، نفيا قاطعا أن تكون مصر هى الوجهة النهائية لهذه السفينة، وقال إن «تقرير لجنة العقوبات لم يذكر أن مصر كانت الجهة القادمة إليها الشحنة»، مؤكداً أن «السلطات المصرية اعترضت بالفعل سفينة تحمل العلم الكمبودى قبل دخولها إلى المدخل الجنوبى لقناة السويس بعد أن أبلغت أنها كانت تحمل صواريخ مضادة للدبابات من كوريا الشمالية فى انتهاك لقوانين مجلس الأمن الدولى، وأنه تم تدمير الشحنة فى حضور فريق من الخبراء من لجنة 1718 التى تشرف على العقوبات التى فرضها مجلس الأمن الدولى على كوريا الشمالية، حيث أشاد رئيس لجنة العقوبات فى كوريا الشمالية بجهود مصر».
وخلال تواجدى فى كوريا الجنوبية واليابان ضمن الوفد الصحفى المصرى الذى زار الدولتين بدعوة من المركز الدولى للصحفيين «ICFJ»، أثير موضوع علاقة مصر الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، ووجدت من خلال ردود مسؤولى الدولتان تفهما واضحا لمصر وعلاقاتها الخارجية، وأنها لا تدير علاقة مع أحد للأضرار بطرف آخر، وكان أكثر هؤلاء المسؤولين صراحة فى هذا الملف ممن ألتقيناهم سو تشو سوك، نائب وزير دفاع كوريا الجنوبية لسياسات الدفاع، الذى قال «نشكر مصر لوقوفها إلى جانب سيول من خلال تصويتها فى مجلس الأمن لصالح فرض عقوبات على نظام كوريا الشمالية»، رافضا فى نفس الوقت الحديث عما أثير حول تعليق الولايات المتحدة جزء من المساعدات العسكرية لمصر بسبب علاقتها مع كوريا الشمالية، وقال: «إننا نعمل من أجل الدفاع المشترك عن البلاد فقط».
رد آخر سمعناه من دبلوماسى كورى جنوبى بقوله «على حد علمى هناك علاقات قد تكون قوية بين مصر وكوريا الشمالية، ولكن المهم أن الحكومة المصرية تبدى موقفا واضحا بخصوص كوريا الشمالية، وهو المهم على المستوى الدولى وصوتت على فرض العقوبات على كوريا الشمالية فى مجلس الأمن الدولى.. نحن نتحدث بلهجة واحدة مع المجتمع الدولى، ونؤكد على أهمية وجود رد فعل دولى من خلال فرص عقوبات وقطع العلاقات مع كوريا الشمالية والضغط عليها للدخول فى مفاوضات تنهى المشروع النووى الكورى الشمالى»، مؤكدا أن كوريا الجنوبية تعتبر مصر دولة تنموية ويتم مساعدتها من خلال تقديم الدعم الحكومى الكورى لها.