تقدم الدولة يقوم على ثلاثة عناصر رئيسية، التعليم والتعليم والتعليم، هذه الجملة سمعتها من هيرو إتشيبا، المستشار السياسى بالسفارة اليابانية بالقاهرة، خلال جولة فى مدينة برج العرب نظمتها سفارة اليابان لعدد من الصحفيين، شملت تطوير مطار برج العرب، ومقر الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا.
التركيز على التعليم هو أحد العوامل المهمة، التى أوصلت اليابان إلى مكانتها الحالية، لذلك فإننا فى مصر مهتمون بالتجربة التعليمية اليابانية، ليس فقط فى الجامعة، وإنما من الصغر، وهو ما ظهر من خلال الاتفاق مع الحكومة اليابانية على تطبيق نموذج التعليم اليابانى «أنشطة التوكاتسو» فى مصر، وأن تكون البداية بـ200 مدرسة.. نعم واجه المشروع بعض المعوقات أخرت من تنفيذه، لكن هذا التأخير كان للصالح العام، لأن الحكومتين المصرية واليابانية ارتأتا تلافى أى ملاحظة، لأن الهدف هو تطبيق المشروع بشكل يحقق الاستفادة المطلوبة، واليوم لدينا 12 مدرسة تطبق النظام اليابانى، وفى سبتمبر المقبل سيكون العدد أكبر من ذلك.
حتى الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، التى أنشئت فى مايو 2009، كجامعة حكومية مصرية ذات طبيعة خاصة بالشراكة مع الحكومة اليابانية كجامعة بحثية، فهى تسير فى طريق النجاح، خاصة أنها منذ البداية حددت هدفها وفلسفتها التى تستخدم النظم التعليمية والمفاهيم الأكاديمية اليابانية، التى تقوم على الطرق المعملية فى التعلم، والتعليم القائم على المشروعات البحثية، تقديم برامج أكاديمية حديثة وإنشاء مراكز التميز للأبحاث الأساسية والتطبيقية، التى تخدم المجتمع المحلى والإقليمى، وحاليًا يدرس بالجامعة 177 طالب دراسات عليا موزعين على 150 خريج لمرحلة الدكتوراه، و27 خريجًا لمرحلة الماجستير، وهذا العام وللمرة الأولى استقبلت الجامعة أول دفعة لمرحلة البكالوريوس بكليتى الهندسة وإدارة الأعمال الدولية للعام الأكاديمى 2017/2018.
اليابانيون يقولون إن الشراكة المصرية اليابانية للتعليم، هى أهم ما يجمع البلدين حاليًا، وخلال تواجدى فى اليابان قبل شهر تقريبًا قال أحد المسؤولين فى الجايكا: إنهم يدعمون رفع مستوى جودة التعليم فى مرحلة الطفولة المبكرة بدور الحضانة المصرية، لأن ذلك يساعد على التنشئة السليمة للأطفال المصريين من خلال نشر عدد من المفاهيم التعليمية مثل التعلم من خلال اللعب، أو كما قال “إتشيبا” المستشار السياسى بالسفارة اليابانية، إن التعليم أهم مجال ومنطلق لتقدم أى دولة، ومن خلال التعاون فى هذا المجال تحاول اليابان تطوير الأجيال الصغيرة من المصريين، وهذا من منظورها الطريقة الأنجح لمكافحة الإرهاب.
وهذه المبادرة لها ثلاثة محاور، هى زيادة عدد الباحثين والدارسين المصريين المبعوثين لليابان إلى 2500 خلال خمس سنوات، وإدخال نظام التعليم اليابانى فى المدارس الحكومية المصرية، الذى تم تطبيقه الآن فى 12 مدرسة، مع التوسع للوصول بها إلى 200 مدرسة، فنظام التعليم اليابانى يعتمد على الأخلاق والانضباط والروح الجماعية والعمل بروح الفريق، ولتطبيق هذه المبادئ هناك أنشطة تحتاج للتطبيق، لبناء شخصية الطفل من جوانب عدة، وهو ما يميز نظام التعليم اليابانى.
ندرك جميعًا كمصريين أن لدينا أخطاء ومشاكل وعيوبًا فى النظام التعليمى، سواء الجامعى أو ما قبل الجامعى، ومنذ أن أتى الدكتور طارق شوقى وزيرًا للتربية والتعليم وهو يحاول العمل على تغيير نمط التعليم المصرى، خاصة أن شهادات كل الخبراء فى العالم تقول: إن الطالب المصرى لديه القدرة على الاستيعاب، لكنه بحاجة لنظام تعليمى مختلف عما هو موجود لدينا حاليًا، حتى اليابانيين يدركون ذلك جيدًا، فالبروفيسور ماساكى سوزوكى، نائب رئيس الجامعة المصرية اليابانية، حينما سألته عن تقيمه للطالب المصرى بعد معايشة استمرت لأعوام فقال إن طلاب الماجستير والدكتوراه فى الجامعة مستواهم الاستيعابى ممتاز، وهذا الرأى ليس مبنى على انطباع شخصى، وإنما له أساس، فكل طالب فى الجامعة مطلوب منه نشر ورقتين بحثيتين فى كبرى الإصدارات العلمية الدولية، وهو الشرط الذى نفذه كل الطلاب دون استثناء، لذلك هو مصمم على أن مستوى الطلاب المصريين مرتفع عالميًا، لكنهم بحاجة إلى نظام تعليمى مختلف.
ما قاله ماساكى سوزوكى عن الطالب المصرى يستدعى فعليًا أن نشجع وزارة التربية والتعليم فى خطتها للتطوير، لأننا إذا بقينا على الوضع الحالى لن نتقدم خطوة واحدة للأمام، وستكون النتائج كارثية، وأعتقد أن النموذج اليابانى هو القادر حاليًا على مواجهة مشاكلنا، ووضع حل لأزمة البطالة لدى الخريجين، لأنه يربط التعليم بسوق العمل، لذلك علينا أن نستمع جيدًا لنصائح اليابان فى هذا المجال وننفذها بإتقان شديد.