البعض يتحدث عن أصول المهنة ولا يعرفها
هالنى حالة الهجوم والافتراءات ضد زميلتى بـ«انفراد» الصحفية المجتهدة شيماء عبدالمنعم التى سادت صفحات على الـ«فيس بوك» لزملاء مهنة، والسبب أن الزميلة وأثناء تغطيتها لفعاليات الأوسكار وهو المهرجان السينمائى الأول فى العالم، لم تصغ سؤالها لغويا بشكل سليم حين واجهت النجم «ليوناردو دى كابريو» الحاصل على الجائزة هذا العام.
انتفض منتفضون فى جدل مؤسف، نصب فيه مترصدون ومتصيدون المشانق للزميلة المجتهدة دون الالتفات مثلا إلى باقى التغطيات المميزة التى قامت بها لصحيفتها، ودون الالتفات إلى أنها كانت الصحفية المصرية الوحيدة فى المهرجان ممثلة لصحيفتها المتفردة بوجودها بين كل الصحف المصرية فى قلب الحدث، وهذا نهج للصحيفة تسعى للحفاظ عليه وتطويره منذ تأسيسها، فهى تضع محرريها فى قلب الحدث وبلغة الحروب: «ترمى محرريها فى الخطوط الأمامية للقتال».
لكن الشتامين نسوا كل هذا وانهالوا تقطيعا فى فروة شيماء بسماجة بالغة، منصرفين عن التركيز على أداء الزميلة المهنى، ليتحدثوا عن أشياء فارغة مثل تعيينها بالوساطة، وحين أجد مثل هذا الكلام أمامى وأنا طرف أساسى فى تأسيس «انفراد» أقول: «كم من الجرائم ترتكب دون حساب».
بلغت السماجة ذروتها مع هؤلاء الذين بخوا سمومهم حين قرنوا هجومهم بما سموه بـ«أصول المهنة»، وهذه المسألة تحديدا تحتاج إلى وقفة كبيرة، فالصوت الصادق فيها يجاوره عشرة غير صادقين يستدعون الحديث عن هذه الأصول حسب الحاجة، وهل من أصول المهنة أن ننسى أن نجاح الصحفى هو بتراكم خبراته والاستفادة منها، والالتفات إلى تطوير دائم للمهارات، وفى هذا التراكم تأتى الأخطاء بالطبع لأن من يعمل هو من يخطئ وتلك بديهية لا تحتاج إلى أدلة، والكسالى فى هذه المسائل لا يتم الالتفات إليهم حين يرتدون ثياب الحكمة والموعظة وإلقاء الدروس، لأن الأولى أن يطبقوا ما ينصحون به غيرهم على أنفسهم.
فى الحديث عن المهنة من الضرورى أن نتذكر سيرة روادها ورموزها، حتى نعرف العبر منها، ونتأكد أن فيها محطات كان من الممكن أن تجعل أصحابها نسيا منسيا فى عالم المهنة، أو تحولهم إلى عمل آخر غير الصحافة، لكن قوة إرادة النجاح تفعل سحرها وتعطى سرها لمن لا يستسلمون، ومن يتعلمون من أخطائهم، وتلك بديهية فى مسيرة نجاح أى إنسان فى أى مهنة وليس فى مهنة الصحافة وفقط.
أذكر فى بداياتى الصحفية أننى تعرضت لموقفين أذكرهما لغيرى بفخر، وأذكرهما لزميلتى وابنتى شيماء حتى لا يكسرها ما حدث، كما أذكرهما لم يتعرض لنفس الموقف الأول، حين بدأت العمل فى بداياتى الصحفية عام 1986 فى مركز إعلام الوطن العربى صاعد بقيادة الصديق والمناضل المحترم حمدين صباحى، وكان رئيسا للتحرير، وقدمت موضوعا صحفيا وكان حوارا صحفيا، لكنه كان مليئا بالأخطاء فكان نصيبه تمزيقه وإلقاؤه فى سلة المهملات مع بيت شعر كان بمثابة لفتة رقيقة لتنبيهى، وحدث بعدها نفس التصرف مع المفكر الكبير الدكتور جلال أمين حين عرضت عليه حوارا أجريته معه بعد تفريغه، وأعدنا الحوار مرة أخرى وأسس الحدث كله صداقة ممتدة مع مفكرنا العظيم وثقة كبيرة فيما أكتب، وبين الواقعتين كنت أقدم موضوعات أخرى تلقى إشادات عظمية، لكن تصرف العظيمين حمدين وجلال معى كان أساسا لتطورى وتدقيقى حتى أصبح لى مقال أكتبه فى هذه المساحة بانتظام، وبالطبع يحدث أن يعجب به البعض، ويرفضه البعض، ويحدث أن يؤول البعض ما أكتبه لمساحات أخرى ليس لها علاقة بما هو مكتوب، وفى المجمل فإن هذا هو الحال الذى لو استسلمنا إلى جانبه السلبى فلن نكون.