أتبنى منذ البداية مبدأ حرية الإعلام الغربى فى تناول الوضع المصرى كما يراه، حتى وإن كان مدفوعًا بأهداف خاصة تحركه، تعمى بصره عما يتحقق من تطورات إيجابية فى المجتمع المصرى، وباعتبار أنه طالما هناك أهداف خاصة ومصالح تحرك هذا الإعلام أو المؤسسات الأكاديمية فإنهم لن يتراجعوا عن مواقفهم، رغم يقينهم ألا يقولوا أبدًا الحقيقة، وأن المصريين يدركون كذبهم، وأن هذه المؤسسات الإعلامية والأكاديمية وأتباعهم فى الداخل فشلوا وسيفشلون فى هدفهم بزعزعة ثقة المصريين فى دولتهم، لأن أغلب ما يكتبونه عن مصر مفضوح.
بطبيعة الحال هذا الأمر لا ينطبق على كل المؤسسات الإعلامية الغربية، ولا الإعلاميين فى أوروبا والولايات المتحدة، لأن بهم مؤسسات وشخصيات مهنية ومحترمة، وتدرك قيمة ما يكتبونه، لكنهم للأسف تواروا خلف مصالح شخصية ومادية تحرك ملاك أغلب المؤسسات الصحفية هناك، وارتباطات لا تخفى عن أحد.
مفهوم لنا طبيعة التعامل الإعلامى الغربى مع مصر، ليس فقط بعد 30 يونيو، وإنما قبلها بسنوات، بخلاف فترة وجود جماعة الإخوان فى الحكم، فقد كانت هذه الفترة مثل شهر العسل، لم نشهد هجومًا ولا ترصدًا إعلاميا لمصر، وهو ما يكشف طبيعة العلاقة وشبكة المصالح التى كانت صاحبة تأثير، وكانت تسير كلها فى اتجاه تمكين الإخوان من حكم مصر، كقاعدة أولى لفرض السيطرة على المنطقة بأكملها.
لكن ما ليس بمفهوم من وجهة نظرى أن تكون هناك شخصية سياسية من المفترض أن يكون لها وزنها، لكنها فى نفس الوقت تبيع نفسها ومواقفها وضميرها مقابل اتفاق مع جماعة الإخوان الإرهابية، وأقصد هنا تحديدًا رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطانى، كريسبين بلانت، الذى يقدم نفسه على أنه أكثر الداعمين لجماعة الإخوان الإرهابية، فيما قالت تقارير إنه كان فى اعتصام رابعة العدوية الإرهابى، ويحاول أن يساعد الإخوان بأى شكل من الأشكال، لدرجة أن الجماعة وقياداتها المتواجدين فى لندن يعولون عليه كثيرا، ويغدقون عليه بالأموال ليتولى الدفاع عنهم والترويج لهم فى الأوساط البريطانية والأوروبية، مستغلة فى ذلك أن لهذا الشخص انتشارا فى أوروبا، معتمدًا على ما يتبناه من أفكار تتعلق بحرية الشواذ، وأيضًا الدعوة الصريحة للإلحاد، لكنه مع الإخوان يتعامل كشخص آخر، فهو شخص فى غاية التناقض، يدعو للإلحاد، وفى نفس الوقت يدافع عن الإخوان، والتناقض أيضًا ينطبق على الإخوان، فتعاملهم واعتمادهم على كريسبين بلانت كشف عن وجه الجماعة القبيح، فهى تتبنى فلسفة «الغاية تبرر الوسيلة»..
بلانت معروف عنه فى الأوساط السياسية البريطانية أنه يقوم بحملة أوروبية لإقناعهم بأن الإخوان لم تقُم بأى عنف، مطالبًا بضرورة إعادتهم للحكم مرة أخرى، مدعيًا أنهم يمثلون 50% من الشعب المصرى، لذلك كان من الضرورى أن يبقوا فى الحكم، وسبق له أن وقف خلف تقرير أصدرته لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطانى، حرض خلاله وزارة الخارجية البريطانية لعقد لقاءات مع قيادات الجماعة بلندن، وعدم حظر نشاط التنظيم، وهو التقرير الذى استخدمته الجماعة الإرهابية وروجت له فى مواجهة التحقيق البريطانى الرسمى الذى أجراه السير جينكينز، حول نشاط الإخوان فى بريطانيا خلال الأعوام الماضية..
ولا يخفى على أحد العلاقة التى تربط بلانت بالجماعة الإرهابية، فهو دائمًا ما يستقبل قياداتها فى منزله، وآخرها الزيارة التى قام بها وفد إخوانى من تركيا لبريطانيا وضم عددًا من قيادات وحلفاء للجماعة، بجانب حضور التنظيم الدولى للإخوان جلسة استماع داخل لجنة العلاقات الخارجية بالعموم البريطانى، التى يترأسها بلانت.
بلانت من وجهة نظرى هو أحد المسرحيين، الذين استعانت بهم الجماعة الإرهابية، لأنه يمتهن التمثيل على خشبة المسرح السياسى، لكنه فاشل فى الوصول إلى درجة إبداع المشاهدين بأدائه، فأداؤه مفضوح حتى وإن رفع شعار «حقوق الإنسان»، لأن الجميع يعلم أن لشعاراته أهدافًا، وآخرها بطبيعة الحال إعلانه عن رغبته فى زيارة مصر والالتقاء بالمعزول محمد مرسى، زاعمًا أنه يرغب فى الاطمئنان على صحته والتأكد من عدم تعرضه لأى انتهاك فى السجن، وكأنه حامى حمى الإخوان.
فى بريطانيا يعرفون أن بلانت يهوى جمع الأموال من أى طريق، وفى حالتنا هذه وجد ضالته فى الإخوان، خاصة أن هناك جهات ستتولى تمويله، وتحديدًا قطر التى تحتفظ باستثمارات كبيرة فى بريطانيا، يأمل بلانت أن يكون له نصيب فى جزء منها، لذلك لا يتورع عن التفاخر بتأييده للإخوان، بل إنه قال فى إحدى المرات أمام البرلمانى البريطانى «يجب ضرورة السماح للأحزاب الموالية لجماعة الإخوان المسلمين بالمشاركة فى العملية السياسية الديمقراطية ما دامت تعترف بحقوق الأقلية، لأن البديل يدعم العنف غير المشروع واللاأخلاقى لقمع التعبير السياسى المشروع؛ لأن ردة فعل المقموعين دائمًا تكون عنيفة».