بالتحليل الموضوعى والنفسى لظاهرة «العكش»، من حيث الثقة بالذات والموضوعية فى التحليل والانضباط النفسى والعقلى فى المواقف والصدق مع الذات والثبات على الموقف وامتلاك الرؤية السياسية، كان لا يجب أن يهتم أى شخص، ناهيك عن الإعلام والرأى العام المحلى بل العالمى، ولكنه الانحدار المعرفى والإعلام التافة والجماهير المغيبة والوعى المسطح والرؤية الذاتية والمصالح الشخصية، وغير ذلك كثير، خلقت مثل هذه الظاهرة هذا الكم من الاهتمام.
وهذا ما كان يقصده العكش، وهو أن يظل موضع اهتمام الإعلام ليس إعلام قناته الملاكى المتخصصة فى كيفية تزغيط البط، ولكن بعد فقده كثيرا من الموضوعية والعقلانية نتيجة حصوله على أعلى الأصوات فى الانتخابات قد أصيب بتخيلات مرضية جعلته يفقد باقى توازنه النفسى، خاصة حين لم يستجب الرئيس السيسى لمقابلته.
وحينما صدم بواقعة حصوله على 25 صوتاً لرئاسة البرلمان. هنا فقد تفتق عقله المغيب لتفجير تلك القنبلة بدعوته لسفير الكيان الصهيونى، متحصناً بأن هناك معاهدة سلام، ولكن مرضه الإعلامى الذى سيطر عليه جعله يتخيل بأنه الزعيم الذى لا يعرف مصلحة الوطن غيره، فقام بطرح قضايا تخص الأمن القومى، بل الأخطر أنه فتح الباب لتقولات وتعليقات إسرائيلية فى ظروف لا تتناسب على الإطلاق مع مثل تلك الممارسات، خاصة ظروف محاربة الإرهاب فى سيناء فيما يخص توزيع القوات العسكرية، بل إضافة إلى ذلك قام العكش بتلك الهجمة الشرسة وغير الأخلاقية ضد الزعيم الخالد عبدالناصر وضد بعض الأشخاص. وكانت النتيجة قيام الزميل الناصرى كمال أحمد بضربه بالحذاء، وكنت لا أتمنى على كمال بشخصه وتاريخه أن يقوم بهذا الفعل، حيث إن كمال وأمثاله عليهم الآن الالتزام بالسلوك السياسى الراقى والأخلاقى حتى نسهم فى تأسيس الدولة الديمقراطية الصحيحة، ثم تداعت الأحداث سريعاً وتم إسقاط العضوية عن العكش، فلا شك أن سلوكيات هذا الشخص فى العموم والخصوص لا تأهله لنيابة الشعب، بل والآثار التى ستترتب على استقباله للسفير سنرى نتائجها السلبية فى قادم الأيام، وقد ظهرت بعضها خلال تعليقات السفير والإعلام الإسرائيلى والأمريكى، لذا فإسقاط العضوية أمر واجب ولا يختلف عليه غير المتعاطفين مع العدو الصهيونى من باب الاستفادة الذاتية والعلاقات الشخصية غير المعلنة أو كراهية فى عبدالناصر، ومواقفه التى ما زالت آثارها الجماهيرية باقية حتى الآن.
وهؤلاء يبررون تلك المواقف المتخاذلة وغير العروبية بحجة السلام وكأننا ضد السلام، أو كأن إسرائيل تريد السلام ونحن نرفضه «سبحان الله»، ولا تعد واقعة إسقاط عضوية العكش هى الأولى فهناك سابقة برلمانية أخرى لإسقاط العضوية رغم اختلاف الأسباب وكان بطلها الشيخ عاشور محمد نصر النائب عن دائرة الجمرك بالإسكندرية وكان وقتها المهندس سيد مرعى هو رئيس مجلس الشعب وحدث أن طلب النائب عاشور الكلمة فطلب منه مرعى الجلوس، فانفعل عليه وغادر القاعة وهو يردد «ده مش مجلس الشعب.. ده مسرح مجلس الشعب» بعدها أحال مرعى الشيخ عاشور إلى اللجنة التشريعية لإهانته المجلس قائلاً: «ليتفضل الشيخ عاشور خارج الجلسة»، ووافق الأعضاء على الإحالة، فهتف عاشور «يسقط أنور السادات»، فطالب الأعضاء بمحاسبته على ما قاله وإسقاط عضويته، وهو ما حدث بعد ذلك حيث تم إسقاط عضوية الشيخ عاشور ليعتزل بعدها العمل السياسى.